في عهد دولة الجنوب سابقاً، تمكن الرفاق من شمال اليمن، ممن ادعوا حينها انهم مقاومة شمالية تعمل ضد النظام السياسي في الشمال، تمكنوا من الوصول الى راس هرم السلطة في الجنوب، وتغلغلوا في كل مفاصل مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية، وكل ذلك تحت مسمى المقاومة الشمالية. وعندما اقترح المهندس حيدر العطاس ان يتم تحييد الرفاق الشماليين عن إدارة شئون الجنوب، ودعمهم لتأسيس حزب اشتراكي يعنى فقط بالشطر الشمالي والمقاومة الشمالية، أتهم العطاس حينها بأنه انفصالي.
وهاهو اليوم يعيد التاريخ نفسه ولكن بنكهة امبريالية رجعية متخلفة، كما كنا ننظر لرعاتها في يومٍ من الأيام. فما نشهده اليوم من محادثات واتفاقيات تديرها وترعاها الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ليس الا تكرار لتلك الحقبة من تاريخ الجنوب، ان صحت تلك الاتفاقيات كما تظهرها وسائل الاعلام.
فهل لاتزال لعنة الكُفر تطارد الجنوبيين الى اليوم؟ فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، كما قال رسولنا الكريم.
وخلاصة القول ان ما يدور خلف الكواليس أهم من ما يظهر لوسائل الأعلام ومختلف عنه، حيث ان هناك حقائق تفرض نفسها ومن المستحيل تجاهلها: فصنعاء يحكمها أهلها وفيها دولة مكتملة الأركان بنظامها وعملتها وجمارك منافذها، وتزداد ثبات وقوة واستقرار يوماً بعد يوم. والجنوب عبّر عن أرادته بشتى الوسائل والسبل، وآخرها المظاهرة الضخمة التي شهدته مدينة المكلا منذ ايام. فهل يعقل ان يفرض على الجنوب وزيراً من صنعاء أو من صعدة أو من أي منطقة من مناطق دولة الشمال؟