بفضلٍ من الله أو بغضبٍ منه لم نزل خارج نطاق سلطة حكومة صنعاء، وما يؤكد ذلك اننا لم نشهد لوحات وملصقات الصرخة الحوثية، لا في الشوارع والأسواق ولا بمحاذاة النقاط العسكرية على الطرقات، وبدلاً من ذلك نشاهد صورة الملك سلمان والرئيس عبدربه منصور هادي، وهو ما يؤكد ان مناطقنا لا تزال تنتمي للشرعية أو تنتسب لها. ولا عجب ان يحل شعار الصرخة محل صور الزعيمين في أي لحظة، ولكن العجب حيرتنا في تصنيف الواقعة حين تحدث، انعتبرها تحرير مثلما سيدعيه المنتصر فنحتفل معه أم انه سقوط المحرر فنبكيه.
ان الفرق بين مصطلحي التحرير والسقوط كبيراً جداً، ولكن فقدان التحرير لمعناه الحقيقي جعله باهتاً لا يكاد تمييزه. فأي تحرير تتحدث عنه حكومة سلمت سيادة الوطن لغير أهله، ولم تستطع تحرير قادتها ولا حتى استقلالية قرارها. وأي تحرير تتحدث عنه حكومة صنعاء وهي تحاول اخضاع شعب كامل للأيمان بأحقية سلالة معينة بالحكم دون غيرها، ولا أمل ان تتنازل مرجعيتها عن ذلك الحق المزعوم لأنه سلاحها الوحيد الذي جعل من المقاتل مجاهداً، وهو ما نشاهد نتائجه على الأرض.
ولكن رغم هذا وذاك، فقد استطاع نظام صنعاء ان يثبت للعالم جدارته في تفعيل وادارة مؤسسات الدولة وتثبيت الأمن والنظام، واثبت تفوقه في خوض المعارك عسكرياً وسياسياً ودبلماسياً، وتوج وجوده بكبرياء العزة والسيادة والتحرر التام في اتخاذ القرار. وفي المقابل هناك حكومة أخرى لاتزال تحضى باعتراف العالم ولكنها لا تملك من أمرها شي لا في السر ولا في العلن وتفتقد لكل صفات الدولة. فلا أرى من خلاص الا ان تضع الحرب أوزارها حتى يحين موعد الثورة التالية.