آخر تحديث :السبت-28 ديسمبر 2024-12:21ص

أكتوبر مجيد

الخميس - 17 أكتوبر 2024 - الساعة 01:00 ص
محمد أحمد بالفخر

بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


أكتوبر مجيد


محمد احمد بالفخر


احتفل معظم اليمانيون يوم الاثنين الماضي بالذكرى الواحدة والستين لانطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة من جبال ردفان الشماء والتي كانت الشرارة الأولى لإرغام الاحتلال البريطاني على الجلاء


وقد قال الشاعر الحضرمي حسين المحضار رحمه الله على لسان الثوار:


بدأنا من جبل ردفان الأعلى


وقد رجّع صداها بالمعلاّ


وفي لودر وعِرمَه والمكلا


وفي سيحوت عند ابني زياد.


وكانت هي البداية الأولى لأفول شمس هذه الإمبراطورية المستبدة التي كان يقال عنها أنها لا تغيب عنها، فغربت وإلى الأبد،


ولكنها كالعادة لا تغادر بلداً إلاّ وقد صنعت بداخله من يقوم بدورها واسوأ كما حصل في أرض فلسطين التي زرعت فيها الصهاينة ومكنت لهم من خلال وعد بلفور المشؤوم،


احتفل اليمانيون بهذه الذكرى العظيمة وبلادهم تعيش أزمات طاحنة وشعب يعاني الأمرين في شتى مناحي الحياة،


ولهذا لا تمر ذكرى أو مناسبة من مناسبات الزمن الجميل إلاّ وتُحرّك في حنايا قلوبهم ذكريات جميلة مضت في العقود الماضية، ويصرخون بأعلى صوتهم ارجع يا زمان،


انطلقت ثورة أكتوبر وكان قادتها ورجالها من الأشاوس الذين رضعوا الحليب الحلال من أمهات فاضلات وتشرّبوا معاني الحرية والوطنية ممن سبقوهم السير في طرق النضال الطويلة، وتعلموها ايضاً من خلال نماذج متعددة من المناضلين الأحرار في كافة اقطار المعمورة، وتاريخنا القريب والبعيد يشهد على الكثير منهم،


لم ينظروا الى ذواتهم والى مصالح شخصية ممكن أن يحققوها كان هدفهم تحرير الوطن وطرد المستعمر، واسعاد المواطن،


انطلقت ثورة أكتوبر وقد سبقتها بعام مضى ثورة سبتمبر في شمال اليمن فكانت إلهاماً وسنداً لهم، انطلقت الثورة وقد سبقتها ايضاً ثورات في مصر والجزائر وكثير من البلدان لتقتبس من حرارة تلك الثورات قبساً يضيء مسارهم التحرري،


مضت سنوات وتمر هذه الذكرى وغيرها من الذكريات دون أن تُعطى حقها من الاهتمام ودراسة كل جوانبها وأهدافها وما تحقق منها وما لم يتحقق وما تم التراجع عنه وقد تحقق من قبل ولكن تقادم عليه الزمن أو طغى عليه طغيان آخر،


فلهذا ينبغي الوقوف دائماً امام كل محطة تاريخية من محطات النضال للتذكر والعبرة واستمداد تلك الروح النبيلة ليستفيد منها جيل الحاضر والمستقبل،


قامت ثورة أكتوبر والوطن ممزق أكثر من عشرين حاكماً كلاً له حدوده وعلمه، وهم في تطبيع مع المحتل ورضاً بكل سياساته ويرفضون أدنى الإشارات اليه ناهيك عن الاستجابة لمن يطالبهم بالتحرر ولسان حالهم يقول وبوصف المحضار ايضاً:


حنا ما شيء لنا في الحرب طاقة


حنا نطلب بتحسين العلاقة


نحافظ على الحماية والصداقة


ولِفْنا على العطاء وعلى الوِداد


ومن يقدر يحارب إنجلترا؟!


ومعها جيش يُخْضِع من تجرأ


ودولارات وجنيهات حمراء.


وأمّا الحال فحياة بدائية وفقر مدقع وضنك معيشة وجهل مطبق، ولا أثر لحياة مدنية أو رغد من العيش إلاّ عند طبقة محدودة من المتسلطين واعوانهم،


إضافة الى مجتمع ممزق بالثارات وبالتمايز الطبقي وظلمٌ الإنسان لأخيه الانسان،


رحلت قوات الاحتلال البريطاني تحت ضربات الثوار الموجعة لهم وبعد أن أخذت الأرض تتزلزل من تحت أقدامهم فأصبح الرحيل بالنسبة لهم أمرٌ لا مفرّ منه،


ولم يعد أمامهم الا الاستسلام للأمر الواقع،


رحلوا بعد ما يزيد على قرن وربع لم يقدموا لهذه البلاد ولهذا الشعب شيئاً يذكر فقد يقول قائل عملوا في عدن وكانت عدن وسميت هاف لندن والكثير من الكلام الذي يُلقى على عواهنه، والرد بسيط جداً أنّ ما صنعوه في عدن تحت أي شكلٍ من أشكال الحياة المدنية الحديثة والعمران وبعض البُنى التحتية لم يكن ليعملوها من أجل سواد عيون والديك، بل عملوها لمسؤوليهم وجنودهم ولشركاتهم العاملة ومن أجل سهولة حركتهم في المدينة ولرفاهية حياتهم،


صحيح بعضاً من المواطنين نالهم من الطيب نصيب لكن يبقى عدداً محدوداً،


لن أطيل أكثر فطرد المحتل البريطاني أفرح الأمة كلها خاصة أنه جاء بعد أشهر من هزيمة الأمة في حزيران 1967م


وفرحت الأمة بتوحيد هذه الكيانات في دولة واحدة بعد خمسين عاماً من التجزئة التي فرضها سايكس وبيكو،


هناك أخطاء جسيمة اُرتكبت ممن حكموا لاحقاً لا ذنب للثورة والثوار الأوائل فيها وقد أشبعت بحثاً وتحليلاً ولا مجال لذكرها الآن.