كان يوم السادس عشر من شهر أكتوبر يوماً كئيبا وحزيناً على الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية وكل مناضل من أجل الحرية والعدالة وكل مقاوم للعنصرية المتمثلة بدولة كالكيان الصهيوني المحتل وحلفائه في معسكر الباطل الذي يقف ضد حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والتخلص من أبغض وأقبح احتلال عبر التاريخ.
لقد فقدت المقاومة الفلسطينية القائد الفذّ المقاوم يحي السنوار مهندس انتفاضة السابع من اكتوبر 2023 الذي وهب نفسه لقضية تحرير جزء يسير من فلسطين، من احتلال استئصالي عنصري ووحشي احتل منزله وأرضه عام 1948 وهُجر تحت تهديد السلاح أسرته وقرابة مليون فلسطيني، عانت لسنوات من إرهاب عصابات شتيرن والهاجاناه وبيتار وبلماح وإرجون، وهُجرت قسراً إلى غزة وغيرها… لتعيش في مخيمات وبؤس ممزوج بالأمل في العودة إلى الديار المحتلة..
السنوار المولود عام 1962م، عاش في مخيمات لاجئي نكبة 1948 وقضى ثلاثة وعشرين سنة في سجون من تعلن نفسها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" وعانى ككل لاجئ فلسطيني من قسوة ووحشية من يدّعي نفسه بأنه أكثر "الجيوش أخلاقية في العالم" وهو الذي يحتل أرض الغير ويقتل ويشرد ويرتكب الإبادة تلو الإبادة ويتكون من عناصر غريبة ودخيلة على أرض فلسطين نرى وجوهها الغريبة يومياً على الشاشات. وهي لهذا السبب ترى أن تثبيت وجودها غير المشروع لايتم إلا بقتل الفلسطيني وبإنكار حقه في تقرير مصيره على أرضه والاستخدام الوحشي للقوة العسكرية التي توفرها له شريكته امريكا في الاحتلال وفي إنكار الحد الأدنى من حقوقه.
لقد تجرد الاحتلال من كل قيمة إنسانية تعارفت عليها البشرية السوية منذ آلاف السنين قبل إنشاء التنظيم الدولي الذي أنشأ الكيان عنصري التوسعي في فلسطين العربية. إسرائيل بالدعم الامريكي المفتوح الممنوح لها في السلم وفي الحرب لم تنفذ في أي يوم التزاماتها بتطبيق قوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة والعهود الدولية لحقوق الإنسان لأنها ترى في الفلسطيني شرّاً وليس بشرا وحيواناً وليس إنساناً.
ألم يقل هذا أكثر من فاشيّ إسرائيلي وسمعه حلفاء دولة الاحتلال الذين لم يستنكروا ولايزالون يسلحونه ويمدونه بالدعم السياسي وحتى هذه اللحظة التي تحولت فيها غزة غير قابلة للحياة يرون فيها أن إسرائيل "تدافع عن نفسها".
هذه البلادة القيمية المتعمدة يراد منها التغطية على ضعف سياسات حكومات ترهبها اللوبيات الصهيونية التي ساعدت على انتخابها في عدة دول غربية كبرى وعظمى وثرية ولكنها أمام اللوبيات الصهيونية ضعيفة وخانعة وذليلة وعاجزة عن أن تقول كلمة حق في وجه محتل باغ.
الكيان الغاصب مستقوٍ بامريكا التي قالت من قبل، ونحن نغفل كعرب عن مواجهتها بحقيقة مواقفها التي تضر بنا وليس بالشعب الفلسطيني وحده، ونستقبل وزير خارجية امريكا الصهيوني ديفيد بلينكن (كما عرّف عن نفسه) للمرة السابعة؛ الذي لم نسمع منه مرة واحدة عبارة وقف إطلاق النار! لأن بلاده طرف في الحرب وفي الإبادة وفي خطة الجنرالات؛ ونقبل أن يُعلن من بعض عواصمنا عن غزة بدون جزء عضوي منها ومن مقاومتها هي حماس وغيرها.
وغير خاف أن غلاة الصهيونية يقولون بأن الفلسطينيين يحتلون أرضهم وهذا ليس له نتيجة غير التطهير العرقي الذي سيجد له ألف مبرر ومبرر في دول الديمقراطيات الغربية الإسرائيلية.
بعد عام وتسعة أيام من انتفاضة طوفان الأقصى، 7 اكتوبر 2023، الأشد من سابقاتها من الانتفاضات التي تمثل انعطافة استراتيجية في العمل المقاوم للاحتلال مهما كانت نتائجها وما لم يثمر اليوم سيثمر خيراً غداً لأن الحق بجانب من تُحتل أرضه ومن حقه بل من واجبه الوطني مقاومة المحتل.
الرئيس الفرنسي ماكرون ذكّر دولة الاغتصُاب والإبادات الجماعية في فلسطين ولبنان بأنها دولة احتلال، لأنها أنشئت بقرار دولي، أي نشأة شاذة على عكس الدول التي لشعوبها جذور عميقة في الأرض. وقامت قيامة نتنياهو الذي لم يكن يتوقع أن يسمع ماسمعه من الرئيس الفرنسي وقال مانعلمه جميعا أن كيانه العنصري الغاصب قام بالتضحيات وهو يعلم علم اليقين ان العصابات الصهيونية كانت عصابات إرهابية للقتل ولسرقة الأرض وتهجير قرابة مليون منكوب فلسطيني عام 1948، كان من بينهم ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين والسنوار وإسماعيل هنية ومحمود عباس وجورج حبش وغسان كنفاني وأبو جهاد وغيرهم من القيادات التاريخية الفلسطينية.
باستشهاد جيفارا فلسطين لن يسدل الستار على قضية فلسطين وستظل المقاومة في غزة وفي الضفة المحتلة موجودة ضد إرادة تل أبيب وواشنطن ولندن وكل قوى الهيمنة والعنصرية الاستعلائية الغربية.
فلسطين قضية حية وشعب فلسطين سيظل يقاوم وسيستمر في تقديم التضحيات حتى قيام دولته وعاصمتها القدس..