شجاني من رُبا الفيحاء برقُ وهيجني غرامك يا دمشقُ
تهيبتُ الوصالَ وإن تمادى وأشعلَ مُهجتي ولهٌ وعشقُ
سلامٌ يا دمشق عليك حتى يلوح على سمائك منه برقُ
أنا وضّاح جئت على غرامي وخلفي من ديار العُربِ شرقُ
فصنعاء التي أبرت سيوفي لها في وجنة القمرين شِقُّ
تَحمِلَني النسائمُ من صباها صبابات لها في القلب عمقُ
ففي الصندوق أسرارٌ وشعرٌ وفي الصندوق عاطفةٌ ورِفقُ
ونحن نعيش فرحة انتصار الشعب السوري العظيم وامتداداً لمقال الأسبوع الماضي كان لابد أن افتتح هذا المقال بهذه الأبيات الرائعة من قصيدة (دمشق) للشاعر المبدع السفير الأديب الحبيب الأستاذ عبدالولي الشميري حفظه الله ورعاه وإن كان قد قالها قبل الانتصار وفي خضم الجروح النازفة التي كانت تجري منها شلالات من دماء الاحرار والابرياء من النساء والأطفال الذين ما رحمتهم آلة القتل الإجرامية ومن خلفها القتلة المارقون من داخل سوريا ومن خارجها والذين وجّه لهم شاعرنا الأبيات الثلاثة الأخيرة مخاطباً من لديه ذرة عقل منهم:
أما يكفي دمشقَ اليومَ قتلٌ وتعذيبٌ وتدميرٌ وحرقُ
كفى يا أهلنا في الشام كُفُّو أكُفَّ الموت ما للجرح رقُّ
وعودوا للعناقِ وللتصافِ قتالكم هو الدربُ الأشقُّ
ولكن يسّر الله للأحرار اختصار الدرب الأشق ولله الحمد والمنّة، ولكن مازالت هناك دروب شاقة ووعرة وهي في غاية الصعوبة تحتاج الى الحكمة والجسارة والشدة واللين والصبر والمروءة والتسامح والإيثار وغير ذلك من الأسس التي تفوّت الفرصة على كل المتربصين من الداخل والخارج،
القصيدة في كثيرٍ من أبياتها أكّدت الترابط القديم بين اليمن والشام وأهمها أسرار صندوق وضّاح اليمن، وأنصح القراء الأكارم بقراءة القصيدة كاملة أو الاستماع اليها بصوت الشاعر الشجي،
المشهد السوري برمته سيكتب فيه الباحثون والمحللون وهناك من لم يكن يتوقع هذا الانتصار المبهر وخاصة بعد أن بلغت القلوب الحناجر ووصل الحال في ذلك البلد الى ما وصل اليه ويكفي لمن سيلتمس عذراً لذلك النظام الإجرامي مشاهد سجن صيدنايا المرعبة فهي تغني عن أي حديث وتُلجم أفواه المتحذلقين والذين يتباكون في الحقيقة على سقوط النظام ويدّعون الخوف على المستقبل السوري القاتم في نظرهم حريصين ما شاء الله عليهم، ولكن نقول لهم هل الحاضر أو الماضي كان جميلاً أصلاً؟!
ملايين السوريين مشتتين في انحاء العالم أسر تشتت ابناءها، مهاجرين سوريين غرقوا في بحار العالم أطفال سوريين انتزعوا من بين اهاليهم في دول تدّعي الحضارة والمدنية والديمقراطية ولم تأبه منظمات السوء لبكائهم ولا لعويل امهاتهم، ذئاب بشرية قصدت مخيمات اللاجئين واستغلّت الوضع المزرى فاستهدفت فتيات في عمر الزهور وما شاهدناه ذات يوم كفلم وثائقي استقصائي على احدى القنوات الفضائية يشرح هذه الانتهاكات لهو خير دليل، وكم سنذكر لو عددنا الأهوال والمصائب الجسام التي تعرّض لها هذا الشعب الصابر من سياسات ذلك النظام الإجرامي البائد والى غير رجعة بإذن الله،
ولهذا نقول للمتخوفين من القادم صحيح ان الأشرار والمتربصين لن يهدأوا على الاطلاق وكيدهم سيستمر ومؤامراتهم لن تنتهي ولكن نقول أيضاً أن أيما أمر سيحدث فيما بعد لن يقارن بما قد كان وجرى على أرض سوريا على الاطلاق،
ونحن على يقين أن احرار سوريا ورجالها الاشاوس قد استوعبوا الدروس كلها تماماً وبالتالي ستكون يقظتهم عالية جداً وسيقولون لكل شياطين الأرض لن تمروا من خلال هذه الأرض الطيبةِ والطيبِ أهلها بحالٍ من الأحوال،
ومن أجمل ما شاهدت من المقاطع المتداولة أرسله اليّ أحد الأحبة من احدى بلدان الشام جزاه الله خيراً،
أن إمام جامع الرفاعي بسوريا أفتى (أن كل من سرق من أموال الدولة أو الأموال الخاصة يقدر يرجعه ويضعه في ساحة الجامع)، فسرعان ما استجيب له فإذا بساحة الجامع تمتلئ من سيارات ودراجات نارية ومواطير كهرباء ومعدات واثاث مكتبي وأثاث منزلي بكل أنواعه، وقطعاً هناك لجان ستنظم هذه المسألة، ماذا يعني ذلك؟
مشهد يثلج الصدر وتقشعر له الأبدان أنت أمام شعب عظيم تشرّب قيم الدين والاصالة والقيم السامية والأخلاق الرفيعة والتي لم يستطع النظام الاجرامي البائد انتزاعها منه، ولهذا نكرر ونقول ما قاله شوقي
جزاكم ذو الجلال بني دمشق
وعزُّ الشرق أول دمشقُ