مع الأسف الشديد، قد نتفهم أن تقوم حملات إعلامية بتزييف الحقائق والتضليل، وغير ذلك من ممارسات الإعلام ضد حزب معين أو ضد شخصيات في دولة، ولكن أن تكون هناك حملات إعلامية ضد مسار ومكاسب كبيرة حققتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إصلاح منظومة التعليم العالي، فهذا أمر فظيع يستحق كل الغضب الممكن، والتنديد والاستنكار.
اتخذت وزارة التعليم العالي معايير جديدة منذ تعيين الدكتور الوصابي، حيث تم استحداث نماذج بديلة لمعيار معدل الثانوية في منح التبادل الثقافي، وذلك من خلال امتحانات المفاضلة. جاء هذا القرار إدراكًا لحجم الفساد الذي كان يحيط بعملية توزيع هذه المنح، حيث كان الغش في امتحانات الثانوية العامة هو العامل الأساسي الذي يمنح بعض الطلاب معدلات مرتفعة تؤهلهم للحصول على منح التبادل الثقافي، في حين أن تلك الفرص كانت تذهب إلى أبناء المسؤولين والمشايخ ورجال الدولة، بينما كانت نسبة بسيطة تُمنح لطلاب أوائل الجمهورية، وحتى هؤلاء قد يحصل البعض منهم عليها عبر الغش، فيما لم تكن الفرص متاحة بشكل حقيقي للطلاب المستحقين.
اليوم، ورغم الظروف التي تعيشها البلاد، ولا سيما بعد الانقلاب الحوثي، أدركت الوزارة مخاطر الغش المتفشي في امتحانات التربية والتعليم، وانعكاساته السلبية على مستقبل البلاد، حيث أدى إلى إنتاج أجيال غير مؤهلة علميًا، مما تسبب في تراجع مستوى التعليم العالي وأثر على جودة الخريجين في مختلف التخصصات. من هذا المنطلق، بدأت وزارة التعليم العالي بوضع خطط بديلة لمعيار معدل الثانوية العامة في عملية الحصول على منح التبادل الثقافي، وذلك إيمانًا بأهمية إعطاء الفرصة للمستحقين من الشباب المتميزين، المؤهلين، والقادرين على تحقيق تطلعات المستقبل، بدلًا من ترك هذه الفرص تضيع بين المحسوبية والوساطات.
لقد كان توجيه الدكتور الوصابي واضحًا كالشمس في إعطاء هذا الحق للطلاب المستحقين والمتميزين، حيث تم استبدال معيار المعدل التراكمي الثانوي بمبدأ أكثر عدلًا وشفافية، وهو اجتياز اختبار المفاضلة. هذا الاختبار يضمن أن يكون الحصول على المنحة مبنيًا على الكفاءة والجدارة، بعيدًا عن المجاملات والوساطات التي كانت سائدة في الماضي. وأعتقد أن هذه الخطوة تُعد من أهم الإنجازات التي حققتها الوزارة، حيث ستساهم في رفد البلاد بكوادر حقيقية تلقت تعليمها الجامعي بجدارة واستحقاق، بعيدًا عن أساليب التحايل التي كانت تهيمن على العملية التعليمية في السنوات الماضية.
في ظل هذه الجهود الإصلاحية، يبذل الوزير جهودًا استثنائية في وقت استثنائي، مستخدمًا كل الإمكانيات المتاحة لديه لتطوير نظام جودة التعليم العالي، بما يحقق مخرجات تعليمية متميزة قادرة على المنافسة في سوق العمل المحلي والدولي. إن الوزارة، ومن خلال هذه السياسات الجديدة، تسعى إلى بناء نظام تعليمي عادل وشفاف، يحقق تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، ويضمن أن تكون الكفاءة هي المعيار الأساسي في الحصول على منح التبادل الثقافي.
انطلاقًا من هذا التوجه، تحرص الوزارة على الاهتمام بجودة التعليم باعتبارها مفتاح التنمية، حيث لا يمكن تحقيق تقدم ورقي في أي بلد دون وجود نظام تعليمي قوي قادر على إنتاج أجيال مؤهلة وقادرة على المساهمة في بناء المستقبل. فكلما تحسنت جودة التعليم، انعكس ذلك إيجابيًا على جميع مناحي الحياة، وأصبح التعليم هو المحرك الأساسي للتطور والنمو في عصر العولمة.
إن هذه الإصلاحات، رغم التحديات التي تواجهها، تمثل نقلة نوعية في مسار التعليم العالي في البلاد، وتسهم في بناء منظومة تعليمية قائمة على العدل والشفافية، مما يجعلها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق مستقبل تعليمي أفضل، قائم على الكفاءة والاستحقاق، لا على المحسوبية والوساطات.