آخر تحديث :الإثنين-31 مارس 2025-05:12ص

مروان الغفوري.. بين تخزين القات والتمركز حول الذات

الخميس - 27 مارس 2025 - الساعة 10:32 م
علي البخيتي

بقلم: علي البخيتي
- ارشيف الكاتب


علي البخيتي 27 مارس 2025


لم يسيء أحد -حسب علمي- لمن استضافة كما فعل مروان الغفوري مع نائب رئيس الجمهورية الدكتور عبدالله العليمي، ليس في مضمون ما كتبه فقط بل في سرعة الإساءة ورائحة الأكل لم تبارح أنفه بعد، فمن أول سطر في مقاله لآخره تعمد إهانة العليمي، من قوله أنه اعتذر عن العزومة مرارًا فتم إغراءه -حسب نص حديثه- بأن كبار المسؤولين في الدولة يرغبون في اللقاء به، إلى أن العليمي نصب خيمة ودعى المسؤولين على شرفه، وصولًا إلى بلاغة للنيابة العامة السعودية بأن هناك "غرزة مخدرات" في منزل مسؤول يمني.


التمركز حول الذات، ذلك ما لمسته من مقالة مروان عن زيارته للرياض ولقاءه بعض مسؤولي الشرعية، ولست هنا بصدد الدفاع عن مسؤولي الشرعية فكثيرهم لا يستحقون ذلك، وقد قلنا فيهم ما لم يقله مالك في الخمر، وبعض ما قلناه وصل للشتائم الممكن قولها في الوسط السياسي، لكني هنا أدافع عن الخصوصية وما يدور في المجالس، وكما يقال "المجالس بالأمانات"، ففي العادة قد يبوح لك سياسي او مسؤول ببعض ما في خاطره في لحظة أمان لك، وهو يهدف أن يوضح لك موقفه أو حتى يوحي لك ببرائته مما يحدث، حتى وإن كان مراوغًا أو كاذبًا فيما قاله، فلا يحق لك نقل تفاصيل المحادثة الخاصة دون إذنه والتي قد تتسبب بإحراجه، مثلًا حديثه مع هاشم الأحمر ونظرته السيئة لحزب الإصلاح قد تضر بعلاقه هاشم بالكثير ومنهم شقيقه حميد الأحمر، وأنا هنا لست بصدد مراعاة شعور هاشم الأحمر عندما يرى كلماته في مجلسه الخاص باتت تلف الفيس وتويتر وباقي مناصات التواصل الاجتماعي، بل في قوله لنفسه (وهذا من حقه): من أعطى مروان الحق في نقل محادثة خاصة بيني وبينه -وليس لقاءًا صحفيًا- في مجلس خاص دعوته إليه؟ وكيف سيثق هو أو غيره عندما يستضيفون كاتبًا أو مشتغلًا في فضاء التواصل الاجتماعي مستقبلًا؟


مثل آخر، حديثه عن البغض المتبادل بين هاشم الأحمر وصغير بن عزيز، وأن عبدالله العليمي قال له ضمنيًا أنه عزم كبار قادة الدولة على شرفه وانه الح عليه وأغراه ليحضر هذه العزومة، للدرجة التي أوحى فيها مروان أنه نصب خيمة خصيصًا، مع أن خيمة العليمي منصوبة منذ سنوات، والعليمي من وجة نظري من أفضل مسؤولي الشرعية وأكثرهم احترامًا ودماثة في الأخلاق ولا يستحق أن يخرجه مروان بذلك الشكل، حتى لو جامله بقوله أنهم معزومين على شرفه، فمن الحصافة عدم البوح بذلك الأمر علنًا حتى وان كانت بعض عبارات المجاملة تعزز فينا التمركز حول ذواتنا وتشبع غرورنا وأننا مهمين، لكن علينا مراعاة صاحب الدعوة بعدم نقلها للفضاء العام، وعدم إهانته بأننا لم نكن راغبين بعزومته لولا الالحاح والإغراءات.


الم يسأل مرون نفسه ما الذي قد يقوله العليمي لباقي زملائه من المسؤولين الذين قد يشعر كل منهم -كما شعر هو ضمن المجاملات المعتادة في العزائم- أن العزومة كانت بالأساس على شرفه؟ ما المهم في تلك الجزئيات ليذكرها مروان عدى التمركز حول الذات وإشباع الغرور؟ وكلنا لدينا بعض الغرور والتمركز حول الذات بنسب متفاوته، ونسعى أحيانًا لإشباعه في كتاباتنا، لكن ليس على حساب إنسان لطيف استضافني وقدرني واهتم واحتفى بي، كيف سيبرر العليمي عندما يسأله أحد ضيوفه هل صحيح كنا معزومين على شرف مروان؟، ولماذا لم تبلغنا بذلك ليكون لنا الخيار ان نحضر لنكمل العدد أو نعتذر؟ كيف سيرد عليهم!


وكما قال مروان من الجيد أن يهتم مسؤولي الدولة بكاتب، لكنه قتل هذا الاهتمام مستقبلًا، وسيجعلهم حذرين، أو لا يقولون شيء عند اللقاء، وسيكتفون بلغة الاشارة مثل علي محسن الأحمر، الذي يبدو أن مرافقوه حذروه من أن أي كلام سيقوله لمروان سيجده في المساء على صفحات الفيس بوك، حيث أشار للسماء عندما سأله مروان عن رؤيته للحل في اليمن وكأنه يقول "على الله"، خبرة علي محسن الأحمر والعاملين في مكتبه تراكمية، وليست كخبرة عبدالله العليمي وهاشم الأحمر ومن يعملون معهم.


وهذا لا يمنع من نقل بعض ما دار في تلك المجالس بشرط الاستئذان قبلها من صاحب الشأن وبالذات فيما قد يضره أو يحرجه، ولا يمنع كذلك من روياتها كتاريخ بعد عدة سنوات أو عقود عندما تتغير الأحوال والمراكز ويضعف ضررها على قائلها، ولا يمنع من الاستناد لها عند كتابة مقال تحليلي دون ذكر الأسماء والعبارات التي صدرت عنهم، ولا يمنع من وصلته تلك الأقاويل بطريقة ما من أن ينشرها طالما لم يكن هو المتلقي لها في مجلس خاص عزمه قائلها وأمنه عليها.


في لقاءاتي مع السفراء الأجانب ومع مسؤولي الشرعية وفي كل لقاءاتي الخاصة -وأنا هنا أمارس بعضًا من التمركز حول الذات- لم أنقل ما يتسبب لهم بالإحراج، مع أن الكثير منهم اشتكى من البعض الآخر، وكنت أستفيد من لقائهم لأفهم وضع الشرعية والصراعات التي فيها والتي تسببت في تأخر النصر على جماعة الكهف، وإذا نقلت شيء دون أن يصرحوا لي بذلك فلا أنقل إلا ما أرى أنه ليس محرجًا لهم ويتسق مع مواقفهم المعلنة، وهذا لا يعني أني لا أنتقدهم لاحقًا عندما يتخذون مواقف معينة أو لا يؤدون واجبهم، فقط لا أنقل شيء قيل لي في مجلس خاص في لحظة أمان وثقة وود مع معرفتي المسبقة أنه سيكون محرج أو ضار لصاحبه.


حديثي هذا أهدف من خلاله لإبقاء الأمان والثقة في المجالس الخاصة، ولتشجيع مسؤولي الشرعية وغيرهم للقاء مروان وغير مروان أكثر من مرة، ليستفيدوا من كل الكوادر اليمنية في مختلف المجالات دون أن يخافوا أن تلاك أحاديثهم الخاصة خلال 24 ساعة في كل مجلس بعد نشرها في الفيس بوك وغيره، فمن المهم أن تتوسع مدارك مسؤولي الشرعية ويعرفون نبض الشارع وكيف يُنظر لهم وما الذي يتوقعه الناس منهم، وبقاء تلك القنوات والتغذية الراجعة معتمد على الأمان وحفظ ما يقال في المجالس الخاصة.


وموضوع تخزين القات لا أدري كيف فات مروان أنه مجرم في السعودية، ولا يحق له ذكر واقعه محدده بأشخاصها أنه جلس معهم وتناول القات، وبالذات عندما يكون مسؤولًا كبيرًا استضافك، كنائب الرئيس عبدالله العليمي، فتخرج لتقول بعدها "حششت مع المسؤول الذي استضافني"، نعم، ما قاله مروان مشابه لتلك العبارة، ففي السعودية القات يعد من المواد المخدرة مثله مثل الحشيش والأفيون ويعاقب عليه القانون السعودي بالسجن، ولولا أن السلطات السعودية ستتجاوز ذلك لاعتبارات المصالح السياسية، لكان ما قاله مروان عقب مغادرته للسعودية -حماية لنفسه- عبارة عن بلاغ للسلطات عن "غرزة مخدرات" باللهجة المصرية وليس عن مجلس كان فيه ضيف الشرف كما قال.


بالتأكيد مروان سعيد الآن باحتفاء الكثير من اليمنيين بمقاله، الذي انتقم لهم وأشبع غليلهم من خلاله من مسؤولي الشرعية، والذي يستحق بعضهم من وجهة نظري السجن والمحاكمات العسكرية، فأنا لا أدافع عنهم، لكن من وجه نظري أيضًا أنه لا يحق لي ككاتب أن أدخل بيوت الناس والقى كل احترام وحفاوة وتقدير منهم، ثم أخرج وأكتب ما يسيء لهم ويحرجهم وأجعل الألسن تلوكهم في ربوع اليمن.