يحل عيد الفطر هذا العام، وأنا أتنفس لأول مرة منذ سنوات نسيم الحرية في مأرب، بعيدًا عن قيود السجون وأسوار الظلم التي فرضتها مليشيات الحوثي. ثلاث سنوات من الاعتقال والتعذيب والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، ثم إقامة جبرية لاحقة، جعلتني أدرك أن العيد بلا حرية مجرد يوم آخر من القهر، حتى لو كنت بين أهلي. فالعيد الحقيقي هو أن يكون الإنسان سيد قراره، أن يشعر بأنه قادر على أن يتنفس، أن يتحدث، أن يحتفل دون قيود.
معتقلات الحوثي.. مقابر للأحياء
في سجون الحوثيين، العيد لم يكن سوى فصل إضافي من المعاناة. هناك، لا فرق بين العيد وأي يوم آخر، فكلاهما يمرّ وسط صرخات التعذيب، وصوت السياط، وآهات السجناء الذين تلاشت أرواحهم في العتمة. كنت واحدًا منهم، رأيت بأم عيني بشاعة هذه المليشيات، كيف تقتل ببطء، كيف تحاول كسر الإنسان ليصبح تابعًا ذليلًا لمشروعها الطائفي. لكن الإرادة لا تموت، والصوت لا يُخرس، واليوم أقول لكل من لا يزال في المعتقلات: الصبر صمود، والحرية قادمة، ولن تدوم هذه العصابة طويلًا.
مأرب.. عيد بطعم النصر القادم
في مأرب، العيد ليس مجرد احتفال، بل هو إعلان صمود. هنا حيث اجتمع المقاومون، الأحرار الذين رفضوا الذل والخضوع، والذين يستعدون ليوم النصر الكبير. هنا في مأرب، وجدت رفاق درب كانوا معي خلف القضبان، لكنهم اليوم أحرار، يعيشون العيد بفرح، لكن بقلوب تشتعل شوقًا ليوم التحرير.
أما رمضان هذا العام، فقد كان مختلفًا تمامًا، بعد عشر سنوات من العيش تحت حكم الظلم والقمع، شعرت أخيرًا بروحانية هذا الشهر العظيم؛ صلوات التراويح، قيام الليل، أصوات التكبيرات الخالصة، والتجمعات البريئة البعيدة عن رقابة الطغاة. لقد كان رمضان في مأرب عيدًا مبكرًا لقلبي الذي اعتاد الحرمان.
إلى من تبقى في مناطق الحوثي.. لا عيد بدون حرية
إلى من لا يزال في مناطق سيطرة الحوثي، أقول لكم: لا تتركوا لهم أرواحكم، لا تجعلوا العيد يمرّ عامًا بعد عام دون أن تشعروا بطعم الحرية. لا تصدقوا دعايتهم، فهم لم يجلبوا لليمن إلا الموت، السجون، القهر، والحرمان. العيد الحقيقي ليس في مظاهر كاذبة، بل في أن تعيش وأنت مرفوع الرأس، أن تقول ما تؤمن به دون أن تخشى الاعتقال أو الإخفاء القسري.
حان الوقت لأن يعمل الجميع من أجل تحرير الوطن، لأن يتحد الأحرار لكسر هذه الطغمة الظالمة. مأرب ليست وحدها، واليمن كله يجب أن يكون مأرب، مقاوِمًا، شامخًا، صامدًا حتى النصر.
إلى القوى الوطنية.. المعركة الفاصلة تقترب
لم يعد هناك مجال للانتظار، لم يعد هناك وقت للتردد، فالمعركة مع الحوثيين وصلت إلى نقطة اللاعودة. الضربات الأمريكية الأخيرة على مواقعهم أكدت أنهم باتوا في عزلة دولية، وأن مشروعهم يترنح، لكن التعويل ليس على الخارج، بل على الداخل، على رجال اليمن الأحرار، على كل من يحمل في قلبه إيمانًا بالجمهورية والوحدة والحرية.
العيد القادم لن يكون في مأرب فقط، بل سيكون في صنعاء، وسيكون عيدًا مختلفًا، عيدًا للنصر والتحرير، عيدًا نرفع فيه راية الجمهورية، ونكسر قيد الكهنوت إلى الأبد. وإن غدًا لناظره قريب.