يحل العيد بعد شهر الصيام والقيام والأعمال الصالحة، بينما الحرب العبثية، الممزوجة بالإرهاب والقتل الممنهج والتطهير العرقي الحوثي، تُبعد اليمنيين عن ذكريات الزمن الجميل الذي عاشوه بعد عهد الإمامة، الذي أذاقهم الجهل والفقر والمرض.
يأتي العيد واليمنيون مشردون ونازحون ومهجرون وأسرى ومختطفون.
ومع ذلك، يطل عيد الفطر، فتتزين متاجر الورد، وتنهال العروض على هدايا التسامح، وتعج صفحات التواصل بالتهاني، ويعلو صوت التلفاز والمذياع بأغنية "أنستنا يا عيد" للفنان علي بن علي الآنسي.
ومع كل عيد، تستحضر الذاكرة طفولةً لن تعود، ذكريات يتيمة عن أبٍ يقلب قريشات جمعها من كد العام، وأمٍ تحضر الحناء، وطفل ينتظر "الولاعة وأعواد الكبريت " ليشعل أكوام الرماد ابتهاجًا بالعيد.
كانت أكوام الرماد، الممزوجة بالكيروسين، التي نشعلها وتُشعل على أسطح المنازل، فتتلألأ كجواهر في ليل حالك، في مشهد يُعرف بـ"التنصيرة".
وفي الصباح، يصدح المذياع بأغنية الآنسي، وتفوح رائحة خبز أمي، بينما تدوي طبول العيد وأصوات المفرقعات.
كان العيد مع أمي عيدين ، حيث "جعالة العيد" في الجيب، و"درزن الطماش" يملأ القلب فرحًا.
كانت بيوت الأجداد خلية نحل، تربطها قلوب لم تعرف السياسة وتفاصيل الحاضر البغيض حتى جاء هؤلاء من الكهوف ليفرضوا زمن الكذب والتدليس.
نعم لكن الزمن تغير، وجاء التلفاز والرياضة والهاتف الذكي والسياسة، لتلوث حاضرنا وحاضر أطفالنا.
اليوم، حزنٌ على واقع مرير، حيث استُبدلت صواريخ الطفولة بصواريخ الموت، والمفرقعات بالقذائف، وجمال العيد بقبح الحرب.
تبقى الذكريات اليتيمة في القلوب وقلوبنا الحزينة، كحنين لأم وقهوتها وموقدها وعينيها.
وفي قريتي الصغيرة، أتذكر منافساتي بالألعاب النارية مع أبناء القرى الأخرى في "التنصيرة" و"الشاربة"، وهي أكوام الحطب.
لكل يقرء مقالي عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير وصحه وسلامه يارب العالمين