النذر.. والوداع
كل الخيام تضج بالحضور وعلى قرع الطبول هناك من يرقص وهناك من ينتفض جسده تعبيرا عن حالة الغوص في الروحانية المفتعلة وفي خارج الخيام وغير بعيد تنتشر الألعاب التقليدية المصنوعة من الخشب او الحديد المراجيح التي تدور افقيا أو راسيا وعربات الأبل والحمير والخيول التي تقل الزوار في رحلة على العربات او ظهور الأنعام حول المدينة وضواحيها يتسابق الأطفال و المراهقون نحو الخيمة الحافة بالعاب الخفة والسحر حيث يجلس الجميع في ذهول واندهاش لمتابعة وصلات العروض من العاب الخفة والمشاهد المسرحية بين شخوص لوجوه دون ظهور لأجسادهم وأثناء وبعد كل عرض يعلو التصفيق وعبارات الأعجاب وترتفع الضحكات.
تكاد الشمس تعلن الوداع يتسابق المريدين نحو طواف اخير حول الضريح والوقوف لاعلان نذورهم للعام المقبل فتقف العجوز المسنة وهي تعلن:
إن عاد ولدي سالما فكسوة العام القادم أن اجهزها
ويقف التاجر الذي تأخرت تجارته في البحر معلنا:
أن عادت السفينة ونجت البضاعة:
أكبر كسوة أقدمها وأنوار الضريح وبخوره أجلبها من الهند تكفيه لعام كامل،
يقف القيم يعلن انهاء الطقوس واطفاء الانوار واغلاق بوابة الضريح وهو يوزع البركة للحضور بمنحهم رقع من قماش الكسوة والمسح على رؤوس الحاضرين لوداع الضريح.
وفي خارج اسوار المبنى الذي يرقد فيه الولي مازالت الخيام تصخب بقرع الطبول و ترانيم المزامير واهتزاز أجساد الراقصين وارتعاش ابدانهم .
وهناك من يغادر المكان وقد حمل معه البركة التي جاء من اجلها وتزود من البضاعة المعروضة في جنبات مبنى الضريح وقضى بعض حوائجة وزار المدينة العامرة اسواقها باصناف البضائع المتنوعة ليعودوا مقفلين إلى مدنهم وقراهم البعيدة التي حضروا منها
فيقف كبير السدنة ( قيوم الضريح) يامر السدنة برفع كل المظاهر للاحتفال:
عليكم رفع الخيام وحفظها في المخزن وتوزيع ما بقي من الطعام والحلوى والشراب وماء البئر المبارك على الفقراء .
يهرع المعوزين والفقراء نحو الأواني يغترفون ما تبقى من طعام وشراب ربما يخدمهم لايام بعد انقضاء موسم الزيارة و الكسوة.
عصام مريسي