الأعزاء في المجلس الانتقالي الجنوبي فشلت عملياتكم العسكرية للسيطرة على مقاليد الحكم في المحافظات الجنوبية عدة مرات بعد شلال من الدم، إعلاناتكم عن استعادة الدولة مرة وأخرى عن الحكم الذاتي تنتهي بحبر على ورق، بل وإدانات واسعة ورفض داخل الجنوب ومن دول التحالف بما فيها الإمارات.
وباعتقادي أن تلك الممارسات تستنزف قدراتكم وعلاقاتكم بدول الجوار ورصيدكم الشعبي وثقة الناس فيكم، وستتحول بياناتكم مع مرور الوقت لمادة للتندر والسخرية، فمصير الشعوب وأمنها وأرزاق الناس لا يتم التعامل معه باستهتار، وما لم تكنوا متأكدين من ان خطواتكم ستحظى بتأييد الغالبية فأجلوها.
ومن متابعة بيان دول التحالف وردود الفعل داخل الجنوب حتى على المستوى الشعبي يظهر بوضوح أن هناك رفض واسع لخطواتكم، وهناك أسئلة كثيرة لدى المواطنين: من يضمن أن لا تتحول خطواتكم لبذرة لحروب أهلية داخل الجنوب؟، ومن يضمن دعم عربي ودولي لها؟، ومن سيدفع مرتبات الناس وموازنة المؤسسات؟.
لا أحد ينكر أن الشرعية فاسدة، وأن الرئيس معتوه ومعاق ذهنياً ويفترض نقله لمصحة، وأن نائبه علي محسن مجرد لص وأكثر عسكري تعرض لهزائم، وأن الجيش والمؤسسات التي بنوها فاشلة وفاسدة، لكن طالما هناك اعتراف محلي وإقليمي ودولي بهم لا قدرة لكم على تغيير ذلك الواقع بتحركات غير مدروسة.
نحن مع حق أبناء المحافظات الجنوبية في تقرير مصيرهم حتى لو أدى ذلك للإنفصال، لكن يجب الترتيب لذلك حتى لا يتحول لفوضى تؤدي لتفكك الجنوب نفسه، وبالتالي فإن أي خطوات دون التنسيق مع المكونات والقوى الجنوبية الوازنة تعد إعلان لحرب أهلية داخل الجنوب وعليكم الاعتبار مما يحدث في الشمال.
إن افتراضكم أن هناك تفويض شعبي للمجلس الانتقالي الجنوبي لا يوجد إلا في مخيلتكم، وبيان الكثير من القوى الجنوبية يؤكد ذلك، وإصراركم على الزعم أنكم مخولين باتخاذ القرار وأن البقية لا وزن لهم ولا يستحقوا المشارورة في خطوات تحدد مصير الجنوب هو بذرة لحرب أهلية جنوبية.
وباسترجاع خطواتكم السابقة، العسكرية منها والبيانات الأحادية، ثم تراجعكم عنها بفعل ضغوط من الإمارات والتحالف، لكن بعد أن تكون قد سالت الكثير من الدماء وحدث الكثير من الخراب، نستنتج أن قراركم ليس بأيديكم تماماً، وهذا شأن كل القوى السياسية اليمنية، وعليه يجب أن تتواضعوا في خطابكم.
وعليكم ملاحظة الفرق بين التفاعل الشعبي مع تحركاتكم الأولى والأخيرة، وستجدون أن هناك تراجع خطير في شعبيتكم، وأن بياناتكم لم تعد تؤخذ بجدية، وقد تتحولوا لظاهرة صوتية، وذلك يشكل خطر عليكم كمكون سياسي، ما لم تراجعوا خطواتكم وتتعاملوا بواقعية مع القوى الفاعلة المحلية ومع دول التحالف.
ومن خلال ما سبق فأرى أن الخيار المتاح والمنطقي حالياً هو استمرار العمل على تنفيذ اتفاق #الرياض، مع كل مساوئ الشرعية، وكونوا شركاء في التنفيذ، ورقباء على البقية لتفضحوا فسادهم، وقدموا نموذج إيجابي فيما يوكل لكم من مهام لخدمة الناس، فذلك هو النجاح الحقيقي الذي سيترسخ في وعي الناس.
وتأكدوا أني ناصح لكم وحريص على الجنوب وأبناءه، بغض النظر عن المآل الذي يتربص بالوحدة اليمنية، فاستقرار الجنوب وأمنه يهمنا ومن صميم مصالحنا حتى لو عاد دولة مستقلة، ومن لا يعتبر من التجارب ويعمل مراجعات شجاعة سيتلاشى كما تلاشى الكثير قبله، فلا تضيعوا فرص حقيقية بأوهام زائفة.
وتذكروا أن هناك خطر يتربص بنا جميعاً، يتمثل في الحوثيين ومن ورائهم إيران، وأن الخطوات الاحادية تخدم مشروعهم في المنطقة العربية، ومن هنا علينا إقناع القوى السياسية اليمنية ودول التحالف بالعمل على ايجاد بديل لهادي وعلي محسن وكل رموز الفساد الذين أهانوا الدولة كمدخل لحل الأزمة في اليمن.