آخر تحديث :الأربعاء-02 أبريل 2025-12:16م

من رئيس إلى مُكنِس شوارع

الأربعاء - 25 ديسمبر 2024 - الساعة 05:18 م
عبدالقادر حاتم

بقلم: عبدالقادر حاتم
- ارشيف الكاتب


بضع مئات من الدولارات تهرب عن دفعها رئيس وزراء إيطاليا السابق، فحكم عليه حكما تأديبيا يقوم من خلاله بتنظيف شوارع العاصمة الإيطالية لمدة عام كامل.. وكما ذكرته الأخبار الرسمية أن هذا الإجراء أو الجزاء لمجرد تهرب دولة رئيس الوزراء عن دفع بعض الضرائب، لم يسرق ولم يرتش ولم يكن عميلاً لدولة أخرى، ولم يوظف أهله وأقاربه وقبيلته في مواقع حساسة، ولم يتنازل عن مؤسسات ومواقع سيادية لبلاده، ولم يترك جزر وحدود بلاده لكل من هب ودب، ولم يقم بثورة؛ لأن نصيبه من الكعكة قل وتناقص.. لم يغتصب أراضي الدولة وأراضي المواطنين.. ولم يفتح مشاريع تجارية خاصة وهو مسؤول كبير.. لم ولم ولن يكون بحجم أصغر مسؤول يمني مرتش وسارق.


المشكلة كلها أن دولة الرئيس تخلف ولم يتهرب عن دفع الضرائب، وكانت هناك مراجعة وتظلمات من مكتبه، إلا أن القضاء أعتبر الشبهة بالنسبة للمسؤول كارثة عظمى لكونه مسؤولاً عن وطن ومخالفته أو الشروع أوالشبهة في المخالفة تؤدي إلى انهيار الأخلاق والقيم وهيبة النظام والقانون..


نعم ذكرني هذا الموقف بأحد كبار دولة أوروبية، وهو يقف محترما لإشارة المرور، وعندما سئل لماذا لا تقطع الإشارة وأنت مسؤول كبير ورد أن تستسهل قطع إشارة مرور، فأنت تدوس على دستور بلادك وهيبتها ونظامها وقوانينها، وكل شيء جميل في وطنك..

سيدي المسؤول الأوروبي تعال إلى بلادنا، المسؤولون يقطعون كل شيء حتى النسل، ويدوسون على الدستور والكرامة وما لا يخطر على بال أو ما لا تتصوره.


عودة إلى رئيس وزراء إيطاليا، وتخيلت لو حكمنا على من ينهبون بلادنا، ويسرقون مدخرات الوطن من المسؤولين، وحكمنا عليهم بأعمال النظافة يعني كنس شوارع الوطن..

سنكون أنظف دولة؛ نظرا للعدد المهول من المسؤولين المخالفين لقانون ودستور الوطن..

سننظف اليمن منزلا منزلا وحماما حماما وحارة حارة ومدينة مدينة، وسننتقل إلى تنظيف دول الجوار دولة دولة وممكن أن نتجاوز الغلاف الجوي، وننتقل لتنظيف الكواكب.. لأن لدينا من تهربوا ونهبوا وباعوا وسلبوا.. لم يتركوا شيئاً إلا نالوا منه النفط والمواصلات والجزر والحدود البحار والكرامة وكأنك تتابع أناساً ليسوا من هذا الوطن..


كأنك تتابع مغتربين قَدِموا للعمل داخل اليمن، وكل ما جمعوا من المال حولوه للخارج..

مع أنني ظلمت المغتربين معظمهم إن لم يكونوا كلهم يحترمون قوانين ودستور البلد المستضيف لهم..


أعتذر لعمال النظافة

وسلام الله عليهم؛ لأنني ظلمتهم أن أحلت إلى صفوفهم كل من أساء إلى بلده

أنتم الشرفاء، ولا أشرف منكم؛ لأنكم تأكلون لقمة العيش بعد أن تعرضوا أنفسكم للموات كل يوم، وكل ساعة وكل لحظة.