ما احببت قط مثل ما احببت كريتر.. برغم الحر والقر.. والفر والكر.. فللمكان عبقريته.. ولا احب مبارحته الا الى مقبرة القطيع فيه.. احاول تغليب الخيال على الواقع باختلاق حركة في يوم كريتري بهيج اصمم فيه وليمة طيبة كانت يوما ممكنة.. واعزم فيها احباء المجالسة لم يعد بالامكان احضارهم. !! كم احببت هذه الصورة الاولى هنا في قلب كريتر، مطعم سيف، والاقبال، والمقاهي العدنية المجاورة.. وبائع الشاي المخصوص الواقف في الزغطوط المجاور بالشاي الملبن المسبوك مع الريش وزبونه الاول طارق غانم.. والابرز محمد الحداد الجالس بركن الصورة بشعره الاشيب وصلعته الصغيرة المدورة كشمامسة الفاتيكان وهو يحفظ القرآن كاملاً عن ظهر قلب.. وفي واجهة المقهى على الناصية المقابلة يجلس الشاعرعبدالصفي هادي ومعه صالح علي الجنزير في مطعم الوفاء وفي الركن الركين يجيء رجل مقفع مهندم يقال له العقربي ليجلس على كرسيه المفضل في الطرف، واذا لم يجده شاغراً يفتعل زوبعة في فنجان. !!
يارعى الله الاهالي.. يا عبدالرحيم يوسف خان انت تحب فول الجرة.. وفي وليمتي القادمة ستحبه اكثر بالسمن الزيلعي مع القاورمة. !! اخرج في مشواري اليومي عصراً من شارع حسن علي وامر في الطريق الى هناك لتحية المعارف.. علي افندي في مخبازته بالزعفران(الصورة الثانية قبل تصاوير الطعام) ثم اعرج على سوق البز حيث تجلس صوماليات د. جيبوتي لبيع القاورمة بسمنها الزيلعي واشتري منهن للوليمة المتخيلة.. ومن هناك اخترق شارع السوق الطويل وفي وسطه القي التحية على مطبقية عدن وامضي نحو مجلسنا الاثير عند سيف حيث تجتمع الاحبة.. قلت لصاحبي:اليوم تعال ولا تتخلف عن الوليمة في العشاء. !! قال انه لا يستطيب له الطعام اذا لم يسبقه بربع من ابرتيف الكحول وسيحرص على اخفائه بقرطاس كاكي.. اما انا فقد اقلعت عن ابرتيفات الطعام. !!
رتبت امر الوليمة المتخيلة مع سيف وطباخه هاشم وابو العز متخصص خبز الطاوة الملوح الذي يعلى ولا يعلى عليه. !!
يامحمد.. قلت لمحمد الحداد : انت خبير في شؤون السمك يامحمد.. وقد رأيت على الرصيف امامنا اسماكاً متنوعة معروضة ومن بينها الباغة.. واريد ان تعينني على انتقاء الاجود والاكثر طزاجة، ورحنا.. وقلب في الاسماك فوجد ان الباغة كانت الانسب واخذنا منها مشكاً صفاه لنا الصياد من الامغال وجهزه للطبخ على طاوة سيف وهاشم.. ولم يصل بنا الوقت الى الثامنة والنصف الا وروائح وبخار الوليمة يتصاعد وجلساء المطعم القهوة حاضرون.. ياعبدالرحيم هل تمانع في اضافة قصعة فاصوليا حمراء الى فول الحرة الذي تحبة؟؟ سيكون مع القوارمة ويعجنا كلنا..
ابتسم موافقاً..وارغمنا حامد علئ الاكل وطارق.. وجاء محمد موسى متأخراً..والتزم صاحبي بأبرتيفة المتخفي في غلاف الكاكي.. واكتمل النصاب.. واكلنا تنويعة الوليمة حتى الشبع.. وتجشأنا قبل نزول قلاصات الشاي الملبن.. وكانت ليلة كريترية احلى ليلة. !!
وهكذا.. اذا اعيدت لنا مقاهينا القديمة.. فعلينا نحن استعادة جلسائنا القدامى.. ولو في الخيال
من سعيد عولقي