بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
اعلامي مستقل ومستشار قانوني
[email protected]
( حق الدفاع اصالة او وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وامام جميع المحاكم وفقا لأحكام القانون وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون .)
ما ورد أعلاه هو نص المادة (49) من الدستور اليمني والذي أوضحت كفالة الدولة والتزامها بدفع تكاليف المحاماة للفقراء غير القادرين على دفعها عبر مشاريع عون قضائي مموله من الخزينة العامة للدولة لتمكين الفقراء من حقهم الدستوري في اللجوء الى القضاء للمطالبة بحقوقهم المشروعة والذي يعيق ذلك عدم قدرتهم على دفع تكاليف المحاماة .
رغم وضوح النص الدستوري الا ان هناك قصور واختلال في انفاذ هذا الالتزام الدستوري مما أعاق تنفيذ نص دستوري وأحرم الاف المواطنين من حقهم في المطالبة بحقوقهم المشروعة عبر اللجوء للقضاء.
وهنا دور المحامين في العون القضائي ليس فقط متابعة إجراءات القضايا بشكل روتيني بل تهدف الى تسريع الإجراءات وتحقيق العدالة الحقيقية المتمثلة في العدالة السريعة الناجزة وأيضا للمحامين دور هام في تصحيح مسار القضاء ووقف اختلالاته ومخالفاته للقانون فالمحامي هو أيضا رقيب على المؤسسات القضائية وعون لها في القيام بدورها القانوني في تحقيق العدالة الناجزة دون تباطؤ ولا تأخير ولامخالفات ولاخروج عن مربع الحق والعدل ووقف انجراف القضاء الى مربع الظلم بالتأخير في تحقيق العدالة او المخالفات القانونية في إجراءات التقاضي وإصدار احكام قضائية مخالفة للقانون ومخالفة لما هو ثابت في ملف القضية وهنا يكون للمحامين دور إيجابي في تصحيح ذلك المسار والوقوف في وجه أي ظلم او مخالفة او استبداد كون المحاماة ليست مهنة فقط بل رساله سامية تهدف لتحقيق العدالة والاتصاف لكل مظلوم والجميع مؤمل في تفعيل دور المحاماة العظيم في تصحيح مسار القضاء وتوقيف اختلالاته وتقديم العون القضائي المجاني للفقراء لان السكوت عن ذلك ظلم أيضا وقد يكون المحامي ضحية لاستبداد قاضي مخالف للقانون كونه سكت عن ظلم الاخرين فجاء الظلم اليه ولو وقف في وجه الظلم والمخالفات القانونية التي ترتكب من بعض القضاة لفكر كل قاضي كثيرا قبل اتخاذ إجراءات تعسفية في مواجهة المواطنين الفقراء ويستحيل حينها ان يفكر القاضي في انتهاك والتعسف ضد المحامين.
ولن يتحقق ذلك مالم يتم انشاء مشروع عون قضائي للفقراء يتعاون الجميع لتنفيذه وبإدارة شفافة وفاعلة لتحقيق عون قضائي بجودة عالية وهنا نتذكر مشروع عون قضائي كان مخصص للسجناء تشاركنا مع زملاء تقديم العون القضائي لهم وتم اعداد الية إيجابية للوصول الى الفئات الأكثر احتياجا للعون القضائي وباجراءات متسلسلة بالإمكان إعادة تنفيذها في مشروع عون قضائي شامل بعد تطويره وتحسينه ليشمل جميع المحافظات وغير مقتصر على محافظة محددة ولجمع الفئات وعدم قصرها لفئة واحدة سجناء او غيرها من الفئات عون قضائي شامل لجميع الفقراء وفي جميع القضايا ويكون بالإجراءات التالية :
تنفيذ نزول ميداني الى جميع النيابات والمحاكم والسجون ومراكز الحجز لحصر جميع المحتاجين للعون القضائي وتدوين بياناتهم وبيانات قضاياهم في كشف .
تصنيف القضايا التي تم حصرها وفقا للمحافظة والمحكمة ونوع القضية جنائية مدنية شخصية تجارية وغيرها .
توقيع اتفاقية تعاون مع نقابة المحامين وفروعها في المحافظات للتعاون لتنفيذ مشروع العون القضائي وترشيح من يرغبون في المشاركة في مشروع العون القضائي .
الرقابة والمتابعة لقضايا العون القضائي والتحقق من قيام المحامين ببذل جهدهم في قضايا العون القضائي وايلاؤها الاهتمام اللازم والمطلوب ومدى تقدمها لتحقيق أهدافها ومدى استفادة المحتاجين لها من ذلك.
استقبال طلبات العون القضائي ودراستها واحالتها الى مقدمي العون القضائي من المحامين لتقديم العون القضائي .
تخصيص يوم أسبوعيا لاستلام تقارير ماتم من إجراءات في قضايا العون القضائي والاشكاليات والمعيقات ليتم تجاوزها واي ملاحظات او تساؤلات لدى المحامين ليتم الرد عليها من خبراء ومستشارين قانونيين.
رصد أي اختلالات او مخالفات مرتكبة في قضايا العون القضائي من مؤسسات القضاء وغيرها
تنسيق لقاءات واجتماعات دورية مع المؤسسات القضائية والجهات ذات العلاقة بقضايا العون القضائي لمناقشة الإشكاليات والمخالفات المتركبة وإيجاد المعالجات العامة بإصدار تعاميم وأيضا اذا كانت مخالفة يتم إحالة مرتكبها للتفتيش القضائي او للجهة المختصة بالتحقيق فيها مع مرتكبيها.
عقد ورشات عمل وندوات نقاشية ربع سنوية يلتقي جميع ذوي العلاقة من جهات ومؤسسات رسمية ونقابة المحامين والمجتمع المدني وغيرها لمناقشة تطورات مشروع العون القضائي ومعيقاته ليتم تجاوز المعيقات وتطويره.
اعداد ميزانية عامه لمشروع العون القضائي الشامل وفقا للمخصصات المالية الموردة الى صندوق العون القضائي وتعزيز الشفافية الشاملة في التوريد والصرف من الصندوق.
مناقشة مقترحات تمويلات أخرى غير مشروطة لمشاريع العون القضائي للفقراء لتطوير المشروع وتوسيع نشاطه.
تنفيذ برنامج تلفزيوني إذاعي اسبوعي يتم فيه التوعية القانونية بإجراءات التقاضي ووسائل استلام طلبات العون القضائي وسلسلة الإجراءات فيها.
تنفيذ دورات تدريب وتأهيل لجميع العاملين في مشروع العون القضائي وبشكل دوري لتحسين الأداء وتطويره وتجويده.
توثيق واثبات إجراءات العون القضائي ونشر مجلة شهرية ورقية والكترونية يتم فيها نشر البحوث والدراسات القانونية لقضايا العون القضائي من واقع قضايا العون القضائي واقتراح الحلول والمعالجات لاي إشكاليات او معيقات.
انشاء موقع الكتروني لمشروع العون القضائي يتم فيه توضيح المشروع واجراءاته واستقبال طلبات العون القضائي عبر الموقع ليتم احالتها للقسم المختص في مشروع العون القضائي الشامل.
تنفيذ مؤتمر سنوي نهاية كل عام يتم فيه اقفال الحسابات المالية وعرض ومناقشة ماتم من انجاز لقضايا العون القضائي والتطلعات ومقترحات التطوير .
وهنا نؤكد بأن العون القضائي للفقراء هو التزام انساني من المحامين للفقراء كون المحامي الجيد هو انسان يشعر بألم لفقراء ووجع حرمانهم من العون القضائي لذلك يبادر الكثير من المحامين لتقديم عون قضائي مجاني للفقراء دون الزام ولا التزام وانما باب الاحسان وزكاة عملهم وعلمهم ولكن ؟
لضمان استدامة العون القضائي وتوسع نشاطه ليغطي جميع الفقراء لجميع القضايا يستلزم توزيع الأعباء على الجميع ليتعاون الجميع في تحملها والمحامين يقع عليهم الجهد الأكبر من ذلك ولكن يستلزم تعاون الجميع لتغطية التكاليف الهامه واهمها تكاليف تصوير ملفات القضايا والاحكام ومحاضر الجلسات وغيرها يكفي المحامي ان يقوم ببذل اقصى جهده في اعداد عرائض الدعاوى والردود والدفوع والطعون وغيرها والحضور في جلسات التقاضي للعون القضائي وعلى الأقل لا يتم الزامة بدفع تكاليف تصوير الملفات والمحاضر من جيبه الخاص وهذا ما كان معمول به سابقا حيث كانت الدولة تخصص وتدرج مبلغ تقريبا مليار الى نصف مليار ريال يمني سنويا في الموازنة العامة لمواجهة تكاليف العون القضائي للفقراء ويتم صرفها لوزارة العدل التي تقوم بالتعاون والتنسيق مع نقابة المحامين لفتح سجل في النقابة لتكليف المحامين أعضاء النقابة لتقديم عون قضائي ويتم ادراج تلك القضايا في سجل العون القضائي لدى نقابة المحامين ليتم الصرف من المخصصات المالية للمحامين الذين يقدموا عون قضائي للفقراء وتوقف ذلك الاجراء دون مبرر مما أحرم الفقراء من حقهم الدستوري في الحصول على عون قضائي مجاني ويفترض إعادة ذلك وتخصيص مبلغ مالي في الموازنة العامة للدولة لمواجهة تكاليف العون القضائي ويستلزم تطوير العون القضائي ليتطابق مع النص الدستوري الذي نص على حق جميع المواطنين غير القادرين على دفع تكاليف المحاماة بالحصول على عون قضائي على حساب الدولة وفي جميع القضايا دون تمييز ولا استثناء حيث انه عندما كانت الدولة قبل حوالي عشر سنوات تخصص مبلغ لمواجهة تكاليف العون القضائي للفقراء تم التلاعب على النص الدستوري الشامل واصدر مجلس الوزراء لائحة العون القضائي غير الدستورية والمخالفة للدستور اليمني وتم قصر وحصر العون القضائي في الجرائم الجسيمة فقط ورفض طلبات العون القضايا في القضايا غير الجسيمة وفي القضايا الأخرى المدنية والشخصية والتجارية وغيرها وهذا مخالف للدستور اليمني الذي كفل العون القضائي لجميع المواطنين غير القادرين على دفع تكاليف المحاماة وفي جميع القضايا دون استثناء.
البعض يتحجج بأن الدولة حاليا تعاني من ضعف الإيرادات لتغطية تكاليف العون القضائي للفقراء ولا تستطيع تخصيص أي مبالغ لذلك وهذه الحجج والمبررات غير منطقية لأهمية العون القضائي للفقراء وان كان هناك ضعف في الإيرادات العامة بالإمكان تخصيص مبلغ مناسب وادراجه ضمن موازنة الدولة السنوية وتتكاتف جهود الجميع لضمان العون القضائي المجاني للفقراء وضمان استمراره واستدامته وتخصيص موارد محدده لتغطية تكاليف المحاماة ويتحمل المحامين جزء من تلك التكاليف بجهدهم لمساعدة الفقراء في الوصول الى حقوقهم القانونية عبر القضاء ونقترح تخصيص مبالغ مالية لتنفيذ مشروع عون قضائي واسع للفقراء وانشاء صندوق للعون القضائي يتم توريد كافة المخصصات للعون القضائي اليه وتعزيز شفافية التوريد والصرف من الصندوق للحد من أي اختلال او فساد ونقترح التالي :
تخصيص مبلغ مالي سنويا ضمن موازنة الدولة للعون القضائي للفقراء.
تخصيص نسبة من الرسوم القضائية لصندوق العون القضائي.
تخصيص ايجارات المحلات داخل مباني المحاكم والنيابات وتوريدها لصندوق العون القضائي.
توريد كافة الغرامات على المتقاضين للمخالفات المرتكبة اثناء الجلسات او استخدام الجوال او التدخين وغيرها من المخالفات وتوريدها لصندوق العون القضائي .
توريد كافة التمويلات من المنظمات الدولية لمشاريع العون القضائي الى صندوق العون القضائي ومنع تنفيذ مشاريع خاصة خارج اطار المشروع الشامل للعون القضائي.
تخصيص جزء من الزكاة سنويا ضمن مصرف الغارمين وتوريدها لصندوق العون القضائي.
التنسيق مع الغرفة التجارية والصناعية لتخصيص مبلغ مالي من الغرفة و من الشركات التجارية وتوريدها لصندوق العون القضائي.
أي تمويلات غير مشروطة للعون القضائي
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية تنفيذ مشروع عون قضائي شامل تذوب فيه جميع مشاريع العون القضائي للفقراء المنفذة حاليا لتوحيد الجهود وتحسين العون القضائي لتحقيق أهدافه المنشودة واهمها تقديم عون قضائي جيد للوصول للعدالة الناجزة والحد من التأخير والتباطؤ في إجراءات القضايا بشكل عام برصد الاختلالات واقتراح المعالجات الممكن تنفيذها في الواقع لتصحيح مسار القضاء لتحقيق عدالة ناجزة .
أهمية العون القضائي للفقراء يستلزم لضمان استدامته ان يكون ضمن مشروع شامل يتعاون الجميع لتنفيذه وانشاء إدارة قانونية محترفه لإدارته وبكادر عامل مؤهل ومدرب بشكل دوري ومستمر لتقديم خدمات عون قضائي وفق اعلى المعايير وانشاء صندوق لتمويل انشطته والذي سيكون لتلك الأنشطة فوائد متعددة لا يقتصر على الفقراء وقضايا العون القضائي بل سيشمل تصحيح شامل لمسار القضاء لتحقيق عدالة ناجزة ورصد الاختلالات في مؤسسات القضاء والجهات ذات العلاقة واقتراح المعالجات لها ليستفيد الجميع من مخرجاته الإيجابية كون العون القضائي للفقراء لتحقيق عدالة ناجزة وتصحيح مسار القضاء.