شهد عام 2024 قفزات نوعية في مجال استكشاف الفضاء، مع إنجازات تجاوزت التوقعات ورسخت مكانة البشرية في السعي لفهم الكون، إذ تنوعت الاكتشافات بين المهمات العلمية الرائدة والابتكارات التكنولوجية، ما شكّل عامًا استثنائيًا في تاريخ الفضاء.
* مهمات المريخ..أفق جديد للاستيطان
وفقًا للموقع العالمي Science News، فكان المريخ في قلب الاهتمام العلمي هذا العام، مع إطلاق واستكمال مهمات متعددة تابعة لوكالات الفضاء العالمية، إذ أطلقت وكالة ناسا مسبارها الجديد "إنديفور 3"، والذي نجح في جمع عينات من تربة المريخ وإرسال بيانات دقيقة عن احتمالية وجود موارد قابلة للاستغلال، مثل المياه الجوفية.
كما انضمت الصين إلى سباق المريخ بإطلاق مركبتها "تيانشينغ-2"، التي حطّت على سطح الكوكب الأحمر لتوسيع الأبحاث حول إمكانيات بناء مستوطنات بشرية، واستعرضت البيانات المشتركة بين الفرق العلمية الدولية كيف يمكن استخدام الموارد المحلية على المريخ لدعم مهمات طويلة الأمد.
بينما أطلقت وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) بعثة في سبتمبر 2024 لدراسة قمري المريخ، "فوبوس" و"ديموس"، بهدف فهم أصولهما وجمع عينات من سطح "فوبوس".
* استكشاف أقمار المشتري
أطلقت ناسا بعثة "أوروبا كليبر" في أكتوبر 2024 لدراسة قمر المشتري "أوروبا"، الذي يُعتقد أنه يحتوي على محيط مائي تحت سطحه الجليدي، ما يفتح آفاقًا جديدة للبحث عن الحياة خارج الأرض.
* اكتشافات فلكية
وخلال العام، رصدت وكالة ناسا جسمًا فضائيًا ضخمًا بحجم يبلغ 27,306 أضعاف حجم الأرض، يتحرك بسرعة مليون ميل في الساعة، ما أثار تساؤلات حول طبيعته ومصدره.
* العودة إلى القمر.. بوابة الكواكب
استكملت البشرية خطواتها نحو العودة إلى القمر، حيث نجحت "أرتيميس 3"، التابعة لوكالة ناسا بالتعاون مع شركاء دوليين، في أول مهمة مأهولة للقمر منذ أكثر من خمسين عامًا، استهدفت المهمة قطب القمر الجنوبي، المعروف باحتوائه على جليد مائي، ما يمهّد الطريق لبناء قاعدة قمرية دائمة.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الهند نجاح مسبارها "تشاندرايان-4" في تقديم صور عالية الوضوح للمنطقة المظلمة من القمر، ما ساعد على تحسين فهمنا لتكوينه الجيولوجي.
بينما أطلقت وكالة ناسا بعثة "أرتميس 2" في نوفمبر 2024، حاملةً أربعة رواد فضاء في رحلة مدتها 10 أيام حول القمر، كخطوة تمهيدية للعودة البشرية إلى سطح القمر.
فيما أرسلت ناسا الروبوت "فايبر" إلى القطب الجنوبي للقمر للبحث عن المياه والمواد المتطايرة، بهدف دعم الاستكشافات البشرية المستقبلية
* التلسكوبات.. رؤية أعمق للكون
شهد هذا العام استمرار الإنجازات المذهلة لتلسكوب "جيمس ويب" الفضائي، الذي كشف أقدم المجرات المكتشفة حتى الآن، ما أعاد تشكيل النظريات حول تشكّل الكون، ومن جهة أخرى، أطلقت أوروبا تلسكوبها الجديد "إيوكليد"، المصمم لدراسة الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، ما يعزز قدرتنا على فهم القوى الأساسية التي تحكم توسّع الكون.
* التكنولوجيا الجديدة..تسارع الابتكار
أحدثت التطورات التكنولوجية قفزة كبيرة في صناعة الفضاء، حيث برزت شركات الفضاء الخاصة مثل "سبيس إكس" و"بلو أوريجن" بإطلاق صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام بالكامل، ما خفض التكاليف بشكل كبير، كما ظهرت تقنيات جديدة للذكاء الاصطناعي مدمجة في المركبات الفضائية، ما ساعد في تحسين إدارة المهمات وتحليل البيانات بشكل أسرع وأدق.
* الطموحات المستقبلية في الفضاء
اختتم عام 2024 بتعزيز التعاون الدولي في مجال استكشاف الفضاء، إذ انعقدت قمم علمية موسّعة، ركزت على التحديات البيئية في الفضاء وأهمية استدامة الموارد الفضائية، كما أعلن عن خطط طموحة تشمل إرسال أول مهمة مأهولة إلى كوكب الزهرة خلال العقد القادم، في خطوة تعكس رغبة البشرية في دفع حدود المعرفة.