أعلن الجيش السوداني، السبت 11 من يناير/كانون الثاني، دخول مدينة ود مدني، بعد أكثر من عام من سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وتمثل مدينة ود مدني أهمية إستراتيجية كبيرة، إذ أنها تربط بين خمس ولايات سودانية، وتتمتع بمكانة اقتصادية، كما أنها عاصمة ولاية الجزيرة، وسط البلاد، وثاني أكبر المدن السودانية من حيث الكثافة السكانية، وأقرب المدن للعاصمة الخرطوم.
وأشار الجيش السوداني، في بيان رسمي، 11 من يناير/كانون الثاني، إلى أنه نجح في دخول المدينة من عدة محاور، كما أنه مشط المدينة للتأكد من خلوها من عناصر قوات الدعم السريع.
ونشر الجيش السوداني مقطعا مصورا قال إنه لـ "أسرى" تم تحريرهم من سجون قوات الدعم السريع.
وقال قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "عَهد القوات المسلحة السودانية لشعبها أن تسترد وتطهر كل شبر دنسته مليشيا آل دقلو ومرتزقتها".
ووجه البرهان التحية للشعب السوداني، واصفا إياه بالصبر على "أذى المليشيا الإرهابية".
في المقابل، أقرت قوات الدعم السريع بدخول قوات الجيش السوداني مدينة ود مدني، والسيطرة عليها.
وقال القائد العام لقوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في رسالة صوتية، 11 من يناير/كانون الثاني، وجهها إلى عناصر قواته إن "الحرب كر وفر، الحرب جولات، خسرنا جولة، ولكن لم نخسر المعركة".
وأرجع حميدتي السبب في خسارة مدينة ود مدني إلى التفوق الجوي الذي يتمتع به الجيش السوداني، مؤكدا استمرار قواته في القتال، وقائلا: "الآن نقاتلهم 21 شهرا، وسنقاتلهم 21 سنة، وستتغير الموازين".
وطالب حميدتي قواته بإعادة تنظيم الصفوف ورفع الروح المعنوية.
ويأمل قادة الجيش السوداني أن تمثل السيطرة على مدينة ود مدني نقطة تحول في الصراع الدائر مع قوات الدعم السريع، وأن يتمكن الجيش من فرض سيطرته على المزيد من المناطق والاستفادة من الزخم المعنوي الحالي.
وأظهرت مقاطع مصورة، على مواقع التواصل الاجتماعي، مواطنين سودانيين يحتفلون بسيطرة الجيش على المدينة.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على مدينة ود مدني في ديسمبر/كانون الأول 2023، قبل أن يتمكن الجيش السوداني من استعادتها في 11 يناير/كانون الثاني 2025.
ويسيطر الجيش السوداني على ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف والشمالية وسنار بالكامل وعلى نحو 90 في المئة من ولاية نهر النيل. في المقابل، تسيطر قوات الدعم السريع على نحو 6 ولايات، غالبيتها في إقليم دارفور. ويتقاسم الطرفان المتحاربان السيطرة على العاصمة الخرطوم وولايات الجزيرة والنيل الأبيض وكردفان.
وفيما قد يشير إلى تغير في المواقف الدولية من طرفي الصراع، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، 7 من يناير/كانون الثاني، فرض عقوبات على القائد العام لقوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). كذلك أقرت واشنطن عقوبات بحق سبع شركات مملوكة لقوات الدعم السريع توجد في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتتهم واشنطن أفرادا من قوات الدعم السريع والقوى المتحالفة معها بارتكاب "عمليات إبادة جماعية"، فضلا عن "جرائم الاغتصاب" والقتل على أساس عرقي.
وانتقدت قوات الدعم السريع قرار العقوبات الأمريكي، كما تنفي ارتكاب عناصرها أي جرائم بحق المدنيين السودانيين.
ويعيش السودان أكبر أزمة نزوح في العالم بعد أن اضطر أكثر من 11 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم منذ اندلاع الحرب، منهم ما يقرب من 3 ملايين شخص عبروا الحدود إلى الدول المجاورة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى انتشار سريع لأمراض الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة الألمانية، نتيجة انهيار البنية التحتية، مع توقف عمل الأنظمة الصحية الحيوية وشبكات المواصلات وأنظمة المياه والصرف الصحي وخطوط الإمداد والإنتاج الزراعي.
وتطالب الأمم المتحدة طرفي الصراع في السودان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بضرورة وقف الأعمال القتالية والتوافق على هدنة إنسانية لخلق فرص للحوار، وضمان حماية المدنيين بما يتوافق مع حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فضلا عن ضرورة التزام الطرفين بضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
وتشير تقارير أممية وحقوقية إلى انتهاكات إنسانية جسيمة يشهدها السودان، تشمل القتل العشوائي واستخدام المدنيين كدروع بشرية، فضلا عن الاغتصاب والاعتداءات الجنسية.
ولا يمكن التحقق بدقة من أعدد القتلى منذ اندلاع الصراع المسلح في السودان في أبريل/نيسان 2023، لكن تشير تقديرات بعض المنظمات الإنسانية مثل "لجنة الإنقاذ الدولية"، وهي منظمة غير حكومية أمريكية، إلى أن أعداد القتلى قد يتجاوز حاجز 150 ألف قتيل.