في دولة لا قيمة للمعلم فيها، وبعد كل إهانة للمعلم يتسابق الجميع لتقديم الاعتذار له مع لعاعة من هذه الدنيا، وما علم هؤلاء أن كرامة المعلم لا تعدلها كنوز الدنيا كلها، لأنه إذا أهين المعلم سقطت القدوة أمام أنظار الأجيال، ولم يعد لهم قدوة في المجتمع، لأن من يقف أمامهم ويعلمهم الأنفة ويعلمهم كيف يحافظون على كرامتهم يهان أمام أعينهم، فماذا أبقيتم للمعلم بعد تجويعه وضربه ولطمه ودهفه وبهذلته؟
أصبح من يقدم الاعتذار للمعلم هو البطل وهو الطيب وهو صاحب الأخلاق العالية، لأنه تواضع ونزل إلى مرتبة المعلم المضروب والمهان والجائع وقدم له الاعتذار، وتم تصوير ابتسامته وقبلته وكأنه قد انتصر في معركة من معارك الحياة لنصرة الوطن.
كتبت في إحدى المجموعات، وقلت عليكم الاستعداد للدهف واللطم والبهذلة لتعيشوا على حسنات الدهافين، فانبرى لنا ممن كنا نظنهم سيغضبون لكرامة المعلم كل معلم ودافعوا عن ابتسامة وقبلة المعتدي، فأما من ضُرِب ومن دُهِف ومن أُهين ومن تبهذل ومن جاع فما هو إلا رمز لكل معلم مقلوب على أمره، فلم يهتموا به كاهتمامهم بقبلة وبسمة المعتدي، فلم يدافعوا عن المعلم، وتغنوا ببسمة وقبلة من اعتدى.
أيها المعلمون: إذا أردتم الحقوق فأنه سيقف في طريقكم الأقوياء والشرسون وممن لو دهفوكم لساندهم أصحاب الراشن بسلة غذائية، وكأنهم يقولون: اضربوا المعلم ونحن سنسكته بسلة غذائية اضربوا المعلم وسنراضيه بسيارة، اضربوا المعلم فإنكم ستكونون أبطالًا بضربكم له، لا أعني بمقالي هذا معلمًا بعينه، ولكنني أعني كل معلم يعاني ويصارع ويكابد الحياة في ظل حكومة مجخية لا تبالي بإضراب المعلم ولا بجوعه، ولا يعنيها حاله بأي حال من الأحوال.
حاشا أن نكون ضد أي إنسان، ولكننا نطالب بإعطائنا حقوقنا ولسنا بحاجة لدهفة لنحصل على بوسة وسلة غذائية، فمن أراد حياة ذل، فليقبل الوضع الذي وصلنا إليه، ومن أراد حياة كريمة فليتقدم بثبات نحو حقوقه، فالحقوق لا توهب ولكنها تنتزع انتزاعًا، تحية لكل معلم حر.