- المكسب الأساسي لإعادة تشغيل المصفاة هو تراجع انهيار العملة المحلية وانخفاض أسعار المشتقات النفطية والحد من مشكلة تدهور الكهرباء
- التحدي الأساسي لإعادة تشغيل المصافي هو استكمال مشروع محطة كهرباء المصفاة الذي لا يحتاج سوى 50 مليون دولار فقط
- قرار اعتماد المصفاة كمنطقة حرة مهم جداً لأنه سيعطيها مزايا كثيرة ومرونة في التعامل مع الشركات العالمية
حاوره/ صديق الطيار
أكد القائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن المهندس سعيد محمد، على الأهمية التي تكتسبها إعادة تشغيل مصافي عدن كمنطقة حرة، في وقف تدهور العملة المحلية بالإضافة إلى انخفاض سعر المشتقات النفطية في السوق المحلية، ناهيك عن الحد من مشكلة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي بسبب انعدام الوقود..
وقال المهندس سعيد محمد في حوار أجرته معه صحيفة "عدن الغد" أن استكمال مشروع محطة الكهرباء الخاصة بمصفاة عدن هو التحدي الأساسي لإعادة تشغيل المصفاة.. مشيراً إلى أن مشروع المحطة يحتاج فقط مبلغ 50 مليون دولار، مؤكداً أنه مبلغ بسيط جداً بالنسبة لمنشأة ضخمة مثل مصافي عدن.
وفيما يلي نص الحوار:
في أواخر يوليو 2024 أقر مجلس الوزراء استعادة نشاط شركة مصافي عدن كمنطقة حرة.. هل خرج القرار إلى حيز التنفيذ أم مازال حبراً على ورق؟
قرار اعتماد المصفاة كمنطقة حرة كنا نطالب فيه منذ فترة طويلة وسعينا بشكل كبير جداً لانتزاعه، لأن له مزايا كثيرة على المصافي بإعطائها مرونة للتعامل مع الشركات العالمية التي ستستغل الموقع الجغرافي للمصفاة، وستقوم بخزن مشتقاتها النفطية وتعيد تصديرها للدول المجاورة..
طبعا لا يمكن أن تأتي هذه الشركات العالمية تشتغل عندنا لتخزين مشتقاتها النفطية في ظل وجود رسوم وجمارك وشغلات مثل هذه.. لذلك نحن كنا نطالب أن تعفى المصفاة من هذه الرسوم والجمارك وتعطى لها مزايا بأن تكون منطقة حرة تتعامل بمرونة مع الشركات العالمية.. وفعلاً مجلس الوزراء مشكورين تفهموا هذا الموضوع وقدمنا مقترحاً متكاملاً، وكان هناك دعم من مجموعة من الوزراء لانتزاع هذا القرار ..
القرار صدر لكن تنفيذه يحتاج إلى حصولنا على تصريح عمل من هيئة المنطقة الحرة.. ذهبنا وتابعنا الموضوع مع الإخوة في المنطقة الحرة، فاصطدمنا بأن هناك قرار محكمة بوقف أعمال الأخوة في المنطقة الحرة، يبدو أن هناك قضايا تخصهم.. وأخبرونا بعدم استطاعتهم إصدار قرار لهم لأن معنا حكم قضائي ولا نستطيع إصدار أي قرارات حتى الآن..
كذلك تم هذا الموضوع رغم أنه يخصهم هم في المنطقة الحرة والمفروض أنهم هم من يتابعوه لأن قرار مجلس الوزراء واضح بأنه لابد من المنطقة الحرة إصدار التصاريح لنا للعمل..
الموضوع الآن مع الإخوة في النيابة العامة، يفترض أنهم يسمحوا للأخوة في المنطقة الحرة باستئناف العمل، لكن إلى الآن لم يسمحوا لهم بالعمل بحجة أنه هناك حكم قضائي سابق، والأمر يحتاج توجيه من رئيس الوزراء..
فنحن في المصفاة لدينا قرار بالعمل كمنطقة حرة ويفترض أنه يُصدر، ورغم أن الأخوة في المنطقة الحرة المفروض هم من يتابعوه، ومع ذلك نحنا من تابعناه، حيث رفعت أنا رسالة إلى المسؤول الأول علينا الذي هو وزير النفط وشرحت له كل الذي صار، وجلست مع الأخ وزير الدولة محافظ عدن الأستاذ أحمد حامد لملس كونه واحداً من المتبنين للموضوع، ووضحت له الموضوع ووعدني أنه سيتواصل مع النائب العام بهذا الخصوص، وإن شاء الله أنه يتم.. لكن دخلنا في دهاليز وروتين الدولة التي يومها بسنة مثل ما يقولون، ومع ذلك نحن نتابع..
أنا فرغت الأخ عبدالله الحسني مدير الدائرة القانونية في المصفاة لمتابعة هذا الموضوع، ومجرد الحصول على تصريح العمل كمنطقة حرة بإذن الله تعالى سيتم التواصل مع الشركات العالمية التي كنا نتعامل معها من سابق وبإذن الله سنبدأ نشاطنا..
ما هي أهم الإصلاحات التي قمتم بها في المصفاة خلال الفترة الماضية في إطار التهيئة لإعادة التشغيل؟
أهم الإصلاحات هي أننا بدأنا بعمل ترميمات وصيانة للوحدات الإنتاجية القائمة، لأننا كما تعلمون معنا مصفاة قديمة ودائماً هي بحاجة إلى شغل مستمر وهذا الذي حاصل معنا.. هناك ترميم وصيانة قائمة للوحدات الإنتاجية، وقدرنا بعون من الله تعالى أن ننجز كثيراً من الأعمال مثل تجهيز وحدات إنتاجية وعمل صيانة في الخزانات وخطوط الأنابيب..
في حال تم إعادة تشغيل المصفاة فعلاً.. هل ستعاد وظيفتها الرئيسية المتمثلة بتكرير النفط أم سيقتصر دورها على عملية تخزين المشتقات النفطية فقط؟
مصافي عدن تشتغل بناءً على قانون تأسيس المصفاة الذي صُدِر في عام 1977م، وهذا القانون يعطي للمصفاة الحق في ممارسة عدة أنشطة، منها تخزين المشتقات النفطية لنا ولغيرنا، وتكرير النفط هو مهمة أساسية للمصفاة سواء كان من النفط الخام الموجود داخل البلد أو للشركات العالمية.. المتاجرة بالمشتقات النفطية أيضاً جزء أساسي من أنشطة المصفاة، وكل هذه الأنشطة مرتبطة ببعضها.. والنشاط الرابع وهو تموين السفن بالوقود وهذا النشاط كانت المصفاة تقوم به من خلال موقعنا الموجود بمديرية التواهي، والذي أنشئ تقريباً في الثلاثينات وكان يموّن القاعدة البريطانية وقتها، وهذا الموقع أنشئ قبل المصفاة، وكان له نشاط كبير جداً بتموين السفن التي تمر عبر ميناء عدن، وكان هذا الموقع هو جزء من ميناء عدن.. النشاط هذا انحسر بشكل تدريجي حتى وصل إلى الصفر بعد 2015م للأسف الشديد.. والسبب حقيقة هو أننا غير قادرين على منافسة الموانئ المجاورة لنا في تموين السفن لأنها تقدم أسعارا منخفضة ومعقولة، بينما نحن أسعارنا مرتفعة لأنها خاضعة للرسوم الجمركية ورسوم المرور وغير ذلك من هذه الأمور التي ترفع من قيمة الوقود الذي يفترض أنه يباع للبواخر التي تمر..
ونؤكد أنه لو نُفِذ قرار مجلس الوزراء بأن تكون المصفاة منطقة حرة سيكون لدينا الإمكانية لاستعادة نشاطنا بتموين السفن، لأننا ممكن أن نحصل في هذه الحالة على وقود غير خاضع للجمارك والرسوم، وسيكون سعرنا منافسا للموانئ في الدول المجاورة..
أكرر بأن المصفاة لو حصلت استعادة نشاطها كمنطقة حرة سيكون لها مزايا كثيرة، منها أولاً أن المشتقات النفطية ستكون متوفرة بشكل دائم في المنطقة لأن المخزون الاستراتيجي سيكون متوفر بشكل دائم.. أيضاً محطات الكهرباء ممكن تحصل على الوقود بسعر البورصة العالمي لأنه سيكون عندنا، يعني المخزون الموجود في الخليج سينقل إلى عندنا، لأن الشركات العالمية بدل ما تخزن هناك ستخزن عندنا، لأن هناك منافسة كبيرة جداً في الخزن بين الدول، ونحن عندنا إمكانية كبيرة بأننا نخزن كميات كبيرة من المشتقات النفطية، وبالتالي الكهرباء ستحصل عليها، والبواخر المارة ممكن تحصل عليها، أيضاً التجار أنفسهم المستوردون للمشتقات النفطية ممكن ياتوا ليشتروا من عندنا بدلاً من استيرادها من الخارج وسيوفرون الكثير..
حدثنا عن الأهمية التي تكتسبها إعادة تشغيل مصافي عدن في تراجع انهيار العملة المحلية وانخفاض أسعار المشتقات النفطية؟
مهم جداً أن تستعيد المصفاة نشاطها، بدرجة أساسية الذي حاصل الآن داخل البلد أن المشتقات النفطية بأنواعها يتم استيرادها من الخارج، والذي يقوم بالاستيراد هو القطاع الخاص في الوقت الحالي.. الذي حصل في السنوات القليلة الماضية أن تجار المشتقات النفطية يشترون العملة الصعبة من السوق ليشتروا بها المشتقات النفطية، وهذا الذي أدى برأيي إلى تعويم العملة المحلية ووصولها إلى هذه القيمة المتدهورة التي وصلت إليه الآن.. بدرجة أساسية المشتقات النفطية هي السبب في انهيار العملة المحلية.. أنا لست اقتصاديا، لكن ممكن الخبراء الاقتصاديين يوضحون لكم ذلك بالتفصيل.. يعني أن إعادة تشغيل مصافي عدن سيلعب دورا كبيرا في تراجع انهيار العملة، وهذا المكسب الأساسي لإعادة تشغيل المصفاة لأنها ستضبط هذه الأمور، لأننا حينها لن نحتاج لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج لأنها ستكون متوفرة عندنا في البلد، وسيشتريها التجار من المصفاة بالسعر المعقول، وبالتالي ستكون أسعار المشتقات النفطية عندنا منخفضة بشكل كبير جداً لأنها ستكون متوفرة عندنا.. فضلاً عن أن مشكلة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي ستخف بشكل كبير لأن وقود الكهرباء سيتم توفيره كما المصفاة.
وماذا عن مشروع محطة كهرباء المصفاة المتعثر منذ فترة طويلة؟
صراحة بالنسبة لنا التحدي الأساسي بإعادة تشغيل مصافي عدن هو استكمال مشروع محطة كهرباء المصفاة.. وهذا المشروع لا يحتاج سوى مبلغ 50 مليون دولار فقط، ونحن تواصلنا مع الشركة الصينية المنفذة للمشروع وفي تفاوض معهم بهذا الموضوع، وهناك برنامج عمل قدموه لنا لاستكمال المشروع..
من خلال تفاوضنا مع الشركة الصينية لمسنا مرونة من قبلهم وطلبوا 20 مليون دولار من المبلغ الإجمالي، وأبدوا استعدادهم لإرسال فريق ليستكمل المشروع.. ومع ذلك لم يطلبوا مبلغ الـ20 مليون كاملاً، بل أكدوا أنهم ممكن يجزؤه ويأخذوا هذا المبلغ على مراحل على حسب إمكانية الدولة الآن.. نحن عارفين أن الدولة الآن عندها مشكلة في السيولة النقدية، لكن هذا حالياً المبلغ المطلوب من قبل الشركة الصينية لاستكمال العمل في محطة كهرباء المصفاة، وباقي المبلغ يمكن تسديده فيما بعد..
بالنسبة لوضع المحطة حالياً، المحطة طبعاً نحن اشتغلنا عليها من عام 2014 إلى اليوم في ظل الظروف التي مرت بها البلاد كلها، وكان الفريق الصيني موجود يشتغل هنا وانتهينا من البنى التحتية كاملة وبنسبة 95% تقريباً، وتبقى فقط تركيب المعدات في القواعد الجاهزة، مثل التوربينات والغلايات وغيرها والتي تقريباً 90% منها تم شراؤها وموجودة حالياً في ساحة المصفاة..
حاليا نحن نستخدم مولد كهربائي وأيضاً الكهرباء الرئيسية لتشغيل بعض الوحدات الإنتاجية التي لا تستهلك كهرباء ووقود بشكل كبير مثل وحدة الأسفلت..
محطة كهرباء المصفاة ليست محطة عادية، فعند تصميم المصفاة عمل الإنجليز محطة للكهرباء خاصة داخلها ولم يعتمدوا على الكهرباء العمومية، وهذا معمول به في أي مصفاة في العالم.. فأي مصفاة تحتاج مصادر طاقة، تحتاج إلى كهرباء وتحتاج إلى بخار الماء وإلى مياه نقية يتم توليدها داخل المصفاة، وتحتاج إلى كمية ضخمة من مياه التبريد تؤخذ من البحر ثم إعادتها، لأن عملية تكرير النفط هي عبارة عن عملية تسخين النفط الخام ثم تبريده إلى أن يتم فصل المشتقات النفطية، وكل ذلك تقوم به محطة الكهرباء المعمولة داخل المصفاة..
لهذا نؤكد على أهمية استكمال محطة الكهرباء الخاصة بالمصفاة إذا أردنا فعلاً استعادة نشاطها.
رغم توقف المصفاة عن العمل منذ تسع سنوات إلا أننا لاحظنا أنكم كنتم ملتزمين بدفع رواتب الموظفين.. كيف عالجتم هذه المشكلة؟
بخصوص رواتب الموظفين، يتم صرف جزء كبير جداً منها من إيراد النشاط البسيط الذي تقوم به المصفاة، المتمثل بخزن المشتقات النفطية للقطاع الخاص، والذي بالكاد يغطي رواتب الموظفين..
ولكن هناك حقوق أخرى للعمال ونحن غير قادرين على توفيرها وأجلناها إلى أن يتم تحسن وضع المصفاة..
كنا نتمنى أن نقوم بتكريس الإيراد البسيط الذي نحصل عليه للحفاظ على المصفاة في الصيانة واستكمال مشروع محطة الكهرباء، وأن تتبنى
الحكومة دفع رواتب الموظفين، لكن للأسف دفعت الحكومة يمكن أربعة أو خمسة أشهر وبعدين توقفوا.
باشمهندس سعيد.. هل سنرى قريباً شعلة المصفاة تعلو في سماء عدن مجدداً؟
أمنيتي أن أرى المصفاة تعود لمزاولة نشاطها، وأعتقد بالنسبة لي كقائم بأعمال المدير التنفيذي للمصفاة يعتبر تحدياً.. نعمل بكل ما نستطيع من جهد ليل نهار، بحيث أننا فعلاً نرى المصفاة شغالة.. نحن غير واقفين، نحن نشتغل بشكل حثيث لاستقبال الأعمال التي بأيدينا، لكن هناك أمور ليست بأيدينا.. وندعو من خلالكم كل الأطراف المعنية في الدولة إلى أن يسارعوا في مد يد العون للمصفاة فهي لها مردودها بالنسبة لدعم الاقتصاد الوطني..
فمحطة الكهرباء الخاصة بالمصفاة تحتاج إلى 50 مليون دولار وهو مبلغ يعتبر لا شيء بالنسبة لمنشأة كبيرة مثل مصافي عدن..
كنا قبل 2015 نرصد فقط لأعمال الصيانة في المصفاة مبلغ 70 إلى 80 مليون دولار سنوياً.. لم تستمر المصفاة كل هذا العمر الذي يصل إلى 70 سنة إلا لأننا صرفنا عليها في الصيانة، وستستمر بإذن الله لأنه فعلاً كان هناك صرف عليها.. هناك الكثير من المصافي في العالم التي عمرها بنفس عمر مصفاة عدن انتهت.. وكثير من الزوار الأجانب الذين يأتون إلينا يتفاجؤوا بأنها مازالت قائمة..
ونشير أيضاً إلى أن الدولة بالذات قبل الوحدة بذلت جهدا كبيرا جدا في سبيل أن المصفاة تستقيم.. لأنه للأسف بعد الاستقلال، من 67 إلى 77م، عندما انتقلت ملكية المصفاة إلى الدولة استلمتها بشكل منتهي، حتى شركة بي بي لما سلمت المصفاة للحكومة كانت غير معولة عليها.. كانت تعتقد أن اليمنيين لا يستطيعون إدارتها، لكن بسبب الكادر الموجود في المصفاة واهتمام الحكومة خلال تلك الفترة خاصة عند تعيين المرحوم فيصل بن شملان رحمة الله عليه، مديرا تنفيذيا للمصفاة وكان بالفعل رجلا مميزا وعمل شيئا كبيرا جدا، وهو الذي أسس وضع المصفاة من جديد واستمر هذا الوضع إلى اليوم، كذلك لعبت الكوادر في المصفاة دورا كبيرا لكي تستمر المصفاة إلى اليوم.