في عرض الصحف اليوم، مقالان عن التطورات السياسية الأخيرة في لبنان، بعد انتخاب الجنرال جوزاف عون رئيساً للبلاد، أحدهما في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، والآخر في القدس العربي، وجدل حول التوجه الأمريكي لحظر تطبيق التواصل الاجتماعي الصيني (تيك توك) في الولايات المتحدة.
ونبدأ جولتنا من التحديات التي يواجهها الرئيس اللبناني الجديد، من وجهة نظر مقال بصحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان "ربما انتخب لبنان رئيساً، لكن المشهد السياسي المضطرب لا يزال رهينة لحزب الله".
ويرى كاتب المقال زيفي بارئيل أنه بعد صراعات سياسية عنيفة وضغوط خارجية، انتُخِب الجنرال عون رئيساً للبنان، "لكن في ظل الحكومة المنقسمة، والإصلاحات الاقتصادية الوشيكة، ونفوذ حزب الله، أصبح الآن يسير في حقل ألغام سياسي".
ويقول المحلل الإسرائيلي في مقاله إنه "حتى اللحظة الأخيرة، بينما كان المشرعون يستعدون لفرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بدا الأمر وكأنه ليس سوى فصل آخر على المسرح السياسي المستمر في البلاد. وكأن الحرب لم تندلع قط، والدولة لم تفلس، وحزب الله لا يزال محتفظًا بنفوذه السياسي السابق، والنظام السوري لم يتغير، وما يسمى (الفرصة التاريخية) لتشكيل مستقبل لبنان، مجرد حلقة أخرى في دراما سخيفة بعنوان (لبنان يختار رئيساً)".
ويؤكد بارئيل أن النجاح في انتخاب رئيس للبنان، ليس سوى "الاختبار الأول"، الذي يواجهه جوزاف عون؛ بعد أن أجرى البرلمان ثلاث عشرة جولة من التصويت مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، الذيْن لا تربطهما صلة قرابة رغم تشابه الأسماء.
ويعزو الكاتب المدة الطويلة التي استغرقها لبنان لانتخاب رئيس، للخلافات السياسية بين الأطياف المختلفة في لبنان "بين حزب الله، الذي دعم سليمان فرنجية، وزعيميْ الأحزاب السياسية المسيحية في لبنان: سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية، وسامي الجميل، نجل الرئيس السابق أمين الجميل وزعيم حزب الكتائب.
وأضاف المقال أن ثمة تنافس بين هؤلاء وبين جبران باسيل، صهر الرئيس السابق ورئيس التيار الوطني الحر، وما وصفه بـ" السلوك المتقلب" لوليد جنبلاط، الزعيم الدرزي الذي عارض مرشح حزب الله تارة، ودعمه تارة أخرى، فضلاً عن خلافه مع زعيم درزي آخر وهو وئام وهاب.
ويعتقد الكاتب أن الانتخابات الرئاسية في لبنان كان من الممكن أن تتأجل إلى أجل غير مسمى، لولا الحرب وعواقبها التي "شكلت ضغوطاً شعبية هائلة"، وبات انتخاب رئيس وتشكيل حكومة "الفرصة الأخيرة للبنان للحفاظ على مكانته كدولة عاملة".
ومع ذلك، يرى الكاتب أن ثمة "تآكل عميق للقوة العسكرية لحزب الله، تآكلت معه قبضة إيران على لبنان أيضاً"، حتى بات من الواضح لحزب الله بقيادة نعيم قاسم، وكذلك لطهران، أن الواقع الجديد يتطلب تغييراً في الاستراتيجية، إن كان يرغب في "الحفاظ على بعض قوته السياسية والدبلوماسية على الأقل".
ويرى مقال الصحيفة الإسرائيلية أن الضغوط المتزايدة دفعت "قاسم إلى الإعلان عن أن حزب الله لن يعترض على انتخاب عون، ما دفع فرنجية، مرشح حزب الله، إلى الإعلان، الأربعاء، عن انسحابه من السباق ودعم عون".
وأشار بارئيل إلى خلفية جوزاف عون العسكرية "المحترمة"، التي يحملها معه إلى الرئاسة مع شبكة من العلاقات مع الفرنسيين والأميركيين "لكن بدون قاعدة سياسية راسخة أو نسب عائلي ثري أو جذور سياسية واجتماعية".
ومع ذلك، فإن عون "ليس مشرّعاً ولا رئيس وزراء"؛ فرغم أن لديه السلطة لحل البرلمان وطرح القوانين والموافقة عليها أو رفضها، إلا أنه يتعين عليه التعامل مع القوى السياسية ذاتها التي أوصلت لبنان إلى حافة الهاوية" بحسب تعبير الكاتب، الذي أضاف أن "أول مهمة لعون ستكون تعيين رئيس وزراء توافقي".
التحدي الآخر أمام الرئيس اللبناني الجديد، والذي سلط المقال الضوء عليه هو تعيين رئيس أركان جديد للجيش، يكون قادراً على تنفيذ القرار 1701 واتفاقية وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وأن يواصل الجيش اللبناني الانتشار على طول الحدود الإسرائيلية، "لكنه ما يزال بعيداً عن القدرة على مضاهاة أسلحة حزب الله أو خبرته العسكرية".
ويختتم زيفي بارئيل مسلطاً الضوء على عدم ذكر عون كلمة "المقاومة"، التي يعرَّف بها حزب الله، ما رآه المحللون إشارة إيجابية إلى أنه إصراره على أن يقتصر حمل السلاح على الجيش الوطني فقط، الذي يخضع لسيطرة الحكومة.
ومع ذلك، فإن الاختبار الحقيقي في المستقبل القريب، "قد يكون عنيفاً ويمتد إلى الشوارع"، وكلها قضايا أصبحت مثل "حقل الألغام المكتظ الذي ينتظر عون ولبنان"، والذي يحتاج الكثير من الدعم الدولي والمساعدات المالية السخية.
* لبنان "تحت وصاية متعددة الجنسيات"
ما زلنا في الشأن اللبناني، وننتقل إلى صحيفة القدس العربي، ومقال رأي بحمل عنوان "لبنان بعد الحرب: التحديات السياسية والعسكرية"، من وجهة نظر المقال العربي.
ويوضح المقال أن التحدي الأول الذي يواجهه الرئيس المنتخب جوزاف عون، يكمن في "التمكن من سحب القوات الإسرائيلية من المناطق الجنوبية الحدودية وإفساح المجال للانطلاق في عملية إعادة إعمار القرى المنكوبة".
ويلفت المقال إلى تحرك الجيش اللبناني الأخير بإزالة "الساتر الترابي الذي رفعه جيش الاحتلال الإسرائيلي وفتح الطريق في اتجاه بلدة عيترون"، ما "يعيد تسليط الضوء على أهمية وخطورة الأسبوعين الأخيرين من هدنة الستين يوماً بين إسرائيل وبين لبنان وحزب الله، والتي تنتهي أواخر هذا الشهر".
ويرى المقال أن انتخاب عون "وخطاب القسم الذي ألقاه على مسمع الأطراف كافة من تحت قبة البرلمان، منعطف قوي في لحظة فارقة تعقب الحرب الكارثية على لبنان، وانهيار النظام الأسدي في سوريا".
ويشدد المقال على ضرورة أن "تتبلور ترجمة" كلمة الرئيس على أرض الجنوب من خلال انتشار القوات المسلحة اللبنانية، وعودة الأهالي، وتوحيداً قرار الحرب والسلم.
كما أكد على ضرورة وضع الأمور في نصابها، لاسيما وأن فاتورة الحرب الأخيرة كانت باهظة، ليس فقط على صعيد قيمة الخسائر الإجمالية، وإنما أيضاً "من زاوية أن لبنان صار عملياً تحت وصاية متعددة الجنسيات، ترسم أفق المرحلة الانتقالية الحالية التي يجتازها".
ويرى المقال أن الحوار الداخلي اللبناني بشأن تداعيات الحرب الأخيرة وشروط السير بإعادة الإعمار لم ينطلق بعد، كما لم تتحدد آلية وقف إطلاق النار وتفكيك ترسانة حزب الله جنوب الليطاني.
ويتفق مقال القدس العربي مع صحيفة هآرتس في أن السلطة التنفيذية في أن السلطة التنفيذية في كنف مجلس الوزراء، وبالتالي "يتوقف الأمر على إمكانية الإقلاع بحكومة جديدة"، متوقعاً "إعادة تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة".
* "جبن سويسري"
ونختتم جولتنا بعيداً عن أخبار منطقة الشرق الأوسط، حيث تنشغل الولايات المتحدة في قضايا مختلفة من بينها حظر تطبيق التواصل الاجتماعي "تيك توك"، في البلاد، وهو ما تسلط صحيفة واشنطن بوست الضوء عليه في مقال للكاتبة "شيرا أوفيد"، بعنوان "ماذا لو حظروا تيك توك واستمر الناس في استخدامه على أي حال؟".
وترى أوفيد أنه بعيداً عن قرار المحكمة العليا الذي يدرس حظر تيك توك دستورياً، يتساءل القانونيون والتكنولوجيون في حيرة، عن مدى غموض كيفية تنفيذ القانون الذي يمكن أن يفرض حظراً على تيك توك في أقرب وقت ممكن في 19 يناير/كانون الثاني.
وتشير الكاتبة في مقالها إلى آراء خبراء وصف أحدهم الثغرات في قانون الحظر بـ "الجبن السويسري". ويجد خبراء وفق الصحيفة أنه حتى لو فُرض حظر على التطبيق بالفعل هذا الشهر أو قريباً، "فهناك العديد من الثغرات القانونية والفنية التي قد تجعل ملايين الأمريكيين يجدون طرقاً للاستمرار في استخدام تيك توك".
وتحدثت الكاتبة أيضاً عن طرق مختلفة للتحايل على حظر تيك توك من متجري غوغل وآبل، كتحميله من خارج هذين المتجرين أو استخدام "الشبكة الخاصة الافتراضية - VPN"، وغيرها من الطرق.
كما يمكن أن يلجأ تطبيق تيك توك لتطوير موقعه على شبكة الانترنت كبديل عن التطبيق، بحسب رأي الكاتبة التي أشارت إلى تجربة حظر الحكومة البرازيلية العام الماضي لمنصة إكس، تويتر سابقاً، لفترة وجيزة، ما زاد من عمليات التسجيل عبر "Proton VPN بنسبة 1200 في المئة في البلاد في يوم واحد.
وتؤكد أوفيد أن القانون "لا يأمر الأمريكيين بالتوقف عن استخدام تيك توك بعد حظره، أو حذف التطبيق من هواتفهم"، لكنه ينص على أنه في حالة حظره، فإن "متاجر التطبيقات المحمولة ستكون ملزمة بالتوقف عن إتاحة تيك توك عبر متاجرها في الولايات المتحدة. وإلا فإنها ستتكبد غرامات ضخمة".