تلعب الألوان المتجولة في تونس وأماكن أخرى، وترقص، وتتفاعل مع بعضها البعض في رقصة باليه دقيقة لإثارة عاطفة المتفرج. وتزدهر في تونس منذ بضع سنين الأنشطة الثقافية المختلفة التي تشرف عليها المؤسسات الرسمية أو الأهلية في كل أنحاء تونس ومدنها المزدهرة الأمر الذي يشعر معه الزائر أن البلاد تتنفس ثقافة وفنا وتتفوق علما رغم الظروف التي تمر بها فالعمل الثقافي في تونس شرط وجودي، ويخيل اليك ان تونس تعيش عصرها الثقافي الذهبي من حيث الإنتاج كما ونوعا في مختلف مجالات الإبداع والمعرفة، وفي مدينة قرطاج الأثرية أقيم مؤخرا معرض للفنانة التشكيلية ليلى عمار وقد افتتح المعرض مطلع يناير 2025 ويستمر لشهر، وحمل المعرض اسم ( ألوان تائهة من هنا ومن مكان آخر) في الفضاء الثقافي (ايماجين) ومن عنوان المعرض ومحتوياته تكتشف من خلال الظلال والألوان ومكونات اللوحات أنك ترحل في عوالم مختلفة ، ويرى النقاد والمهتمين أن الفنانة التشكيلية قدمت خلاصة تجربتها التي تزاوج فيها الفن بالهندسة المعمارية وهي التخصص الأكاديمي التي نشأت عليه الفنانة وتقوم بتدريسه ونشره
ولدت ليلى عمار، وهي مهندسة معمارية، في تونس عام 1959، وانغمست في عالم الرسم والألوان منذ سن مبكرة جدًا. وانتقلت خطواتها بعد ذلك من تونس إلى باريس والقاهرة، ومن إسطنبول إلى هافانا، ومن باليرمو ومرسيليا إلى لشبونة. حقائق ومدن ومناظر طبيعية تركت انطباعًا عميقًا ودائمًا عليها
وفي كل هذه الأماكن التي كانت تمر بها أو تسافر إليها أو تقيم فيها، كانت تراقب التدفقات، والمناظر الطبيعية، ومرور الشمس، ولعب الظلال، والانعكاسات المتحركة، وتغيرات الضوء، وذهاب وإياب البشر والحيوانات. كانت حساسة لسماء البحر الأبيض المتوسط وألوان المحيط الأطلسي، والحدائق، والممرات، والحيوانات، والصور الظلية البشرية وأماكن المعيشة.
وكأمر طبيعي وضروري، قامت بدمج هذه الطاقة الحية والتفاعلات الدقيقة بين العناصر والهندسة المعمارية والأشكال الحرة والهندسة والأشجار والشواطئ والنقوش في ألوانها المائية ولوحاتها وملصقاتها وإبداعاتها. الطبيعة والمدينة مثالية للتنزه.
بأسلوب حر وفطري، تكشف إبداعاته عن خطوط واضحة وألوان مسطحة. إنهم يجمعون الألوان والعلامات والأشكال لابتكار أجواء معينة ونقلها في حوالي أربعين عملاً معروضًا هنا.
سيرة مكثفة زاخرة
ليلى عمار مهندسة معمارية تدرس في المعهد التكنولوجي للفنون والعمارة والتعمير بتونس واستاذة في جامعة ايناو
ومن (1976-1983)، مدرسة الهندسة المعمارية في فرساي (1986-1989) وفي مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس (1987-1989).
وهي مهندس معماري ومخطط حضري ومؤرخة ودكتورة في الهندسة المعمارية من جامعة باريس الثامنة فينسين سان دوني (2007)، ماجستير في الهندسة المعمارية (2014)، قام بالتدريس في المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتخطيط الحضري في تونس منذ عام 1997. أستاذ (2021) )، متخصص في الدراسات الحضرية والمعمارية، وتحليل وتاريخ المدن، وخاصة لفترة القرنين التاسع عشر والعشرين. عملت في باريس (1989-1996) حيث أسست مع فيليب بانراي استوديو فيليب بانراي للهندسة المعمارية والتخطيط الحضري والمناظر الطبيعية، وفي القاهرة (1987-1989) وفي تونس (منذ عام 1997) وشاركت في العديد من المشاريع والدراسات التشغيلية تخطيط المدن والمناظر الطبيعية وإعادة تأهيل البنى التحتية والأماكن العامة. شاركت وقادت العديد من برامج الأبحاث حول المدن والهندسة المعمارية و الأنسجة الحضرية.
(المعهد الوطني للهندسة المعمارية بتونس، المعهد الوطني للهندسة المعمارية بتونس، جامعة منوبة، مدرسة الهندسة المعمارية في إكس أون بروفانس، مدرسة الهندسة المعمارية في فالنسيا، المعهد البوليتكنيكي في ميلانو).
وتتمتع بخبرة مهنية تمتد لعشرين عامًا في التخطيط والهندسة المعمارية وتنسيق الحدائق في تونس والخارج. وهي تعمل حاليًا كمستشارة خارجية لمكتب Alea Olea للتصميم والهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية، تونس - برشلونة.
مؤلف العديد من المنشورات وخمسة أعمال حول موضوعات التاريخ المعماري والحضري للمدن في المغرب والبحر الأبيض المتوسط،
تجري أنشطة بحثية في مختبر "الهندسة المعمارية والآثار المغاربية" في جامعة منوبة، ومختبر "الهندسة المعمارية والأنثروبولوجيا" في LAAVUE-باريس-لا فيليت، UMR 7218 CNRS.
وقد نشرت على وجه الخصوص:
"تاريخ العمارة في تونس من العصور القديمة إلى يومنا هذا"، مركز النشر الجامعي، الطبعة الثانية، تونس، 2010، 264 صفحة، 93 لوحة توضيحية، 64 مخططا (الطبعة الأولى 2005).
"تونس من مدينة إلى أخرى، الخرائط والتاريخ الحضري، 1860-1935" إصدارات نيرفانا، تونس 2010
"الأشكال الحضرية والعمارة في المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين"، ليلى عمار (إخراج)، مركز النشر الجامعي، 2011
"مدن وعمارة تونس، تونس في القرنين التاسع عشر والعشرين." "، نيرفانا، تونس، 2015،
"الشارع في تونس، الواقع، الدوام، تحولات الفضاء الحضري، 1835-1935"، مركز النشر الجامعي، مختبر الآثار والعمارة المغاربي، تونس، 2017.
*من مجيب الرحمن الوصابي / تصوير وداد الحمامي
